يتم التحميل...

التعرب بعد الهجرة

الكبائر

التعرب بعد الهجرة، معناه الهجرة إلى البلاد التي تكون سببا لنقص الدين ولا يتمكن المسلم من إقامة شعائره الدينية والمحافظة على إيمانه من الضعف والتناقص، وبذلك يعود إلى وضعه السابق من الجهل وعدم المبالاة بأحكام الدين قبل أن يتعلم ما ينبغي أن يتعلمه.

عدد الزوار: 41


التعرب بعد الهجرة، معناه الهجرة إلى البلاد التي تكون سببا لنقص الدين ولا يتمكن المسلم من إقامة شعائره الدينية والمحافظة على إيمانه من الضعف والتناقص، وبذلك يعود إلى وضعه السابق من الجهل وعدم المبالاة بأحكام الدين قبل أن يتعلم ما ينبغي أن يتعلمه.

وقد روي عن أهل البيت عليهم السلام  كما ورد في مجمع البحرين: "من الكفر التعرب بعد الهجرة ".

وروي في الكافي: "تفقهوا في الدين ولا تكونوا أعرابا، ومن لم يتفقه في الدين فهو أعرابي ".

وهذا الحديث يدلنا على أن أحد مصاديق التعرب هو ترك التفقه في الدين، لأن من ترك التفقه لا يتمكن من أداء واجباته العبادية بالشكل الصحيح كما أمر الله عز وجل بها، فتكون عبادته باطلة، لأن الجاهل كالعامد لا يكون
معذورا، وكذلك معاملاته مع الغير قد تكون ربوية وغررية محرمة فاسدة من حيث لا يشعر، ويترتب على ذلك التصرف الغصبي بما انتقل إليه بهذه المعاملات الفاسدة أو الدخول في كبيرة الربا.

والتعرب لا يراد منه السكنى في البادية مع أهل البوادي فحسب، بل يشمل الهجرة والسكن والمخالطة في جميع البقاع التي لم ينشر فيها دين الإسلام وشعائره، ويعجز المسلم عن القيام بمراسيم دينه والمحافظة على إيمانه وقد وردت روايات كثيرة تنهى أشد النهي عن هذا العمل، علما بأن التعرب بعد الهجرة لا يشمل الهجرة إلى تلك البلدان لأجل الدعوة إلى الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع المحافظة على الدين والإيمان، بل على العكس هذا النوع من الهجرة ممدوح ومحبوب عند الله تعالى والنبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الطاهرين عليهم السلام  وتعتبر هجرة إلى الله ورسوله، كما بينه الله تعالى في محكم كتابه: ﴿...َلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ . (التوبة - الآية - 122 )

كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض استوجبت له الجنة وكان رفيق أبيه إبراهيم عليه السلام ونبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ".

وعلى العكس من ذلك كما تروي لنا الأخبار أن عددا من المسلمين الذين يقولون: "لا إله إلا الله " مثل قيس بن الفاكه، وقيس بن الوليد، وأمثالهم من المسلمين الذين لم يهاجروا من مكة إلى المدينة مع قدرتهم على ذلك، ولما جاء رؤساء قريش إلى بدر لمحاربة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين، حضروا معهم وقتلوا بسيوف المسلمين فنزل قوله تعالى فيهم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا (النساء - الآية - 97)

وقد روي عن عكرمة أن جمعا من المسلمين في مكة لم يقدروا على الهجرة استثنتهم الآية الثانية، وهي قوله تعالى: ﴿ إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً  * فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا . (النساء - الآية - 98-99)

وقد سمع رجل من المسلمين الآيات السالفة وكان اسمه جندع بن ضمرة وكان بمكة فقال: والله ما أنا مما استثنى الله، وإني لأجد قوة وإني لعالم بالطريق وكان مريضا شديد المرض، فقال لبنيه: والله لا أبيت بمكة حتى أخرج منها فإني أخاف أن أموت فيها، فخرجوا يحملونه على سرير حتى بلغ التنعيم ظهرت عليه آثار الموت، فوضع يده اليمنى في اليسرى، وقال: اللهم هذه لك وهذه لرسولك، أبايعك على ما بايعك عليه، ثم مات، ولما وصل خبر وفاته إلى المدينة قال بعض الأصحاب لو وصل إلى المدينة لنال ثواب الهجرة، فأنزل الله سبحانه فيه قرآنا، حيث يقول: ﴿ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا. ( النساء - الآية - 100 )

 

2015-06-01