يتم التحميل...

مواجهة المصائب

أبحاث عامة

السؤال: ما هو الحل الذي يضعه القرآن أمامنا عند مواجهة المصائب؟

عدد الزوار: 38

السؤال: ما هو الحل الذي يضعه القرآن أمامنا عند مواجهة المصائب؟
الجواب: يمكن الحصول على جواب هذا السؤال من خلال الرجوع الى الآية 23 من سورة «الحديد» يقول الله تعالى: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم).

هاتان الجملتان القصيرتان تحلاّن في الحقيقة إحدى المسائل المعقّدة لفلسفة الخلقة، لأنّ الإنسان يواجه دائماً مشاكل وصعوبات وحوادث مؤسفة في عالم الوجود، ويسأل دائماً نفسه هذا السؤال وهو: رغم أنّ الله رحمن رحيم وكريم ..، فلماذا هذه الحوادث المؤلمة؟!

ويجيب سبحانه أنّ هدف ذلك هو: ألا تأسركم مغريات هذه الدنيا وتنشدّوا إليها وتغفلوا عن أمر الآخرة... كما ورد في الآية أعلاه.

والمطلوب أن تتعاملوا مع هذا المعبر والجسر الذي إسمه الدنيا بشكل لا تستولي على لباب قلوبكم، وتفقدوا معها شخصیّتكم وكيانكم وتحسبون أنّها خالدة وباقية، حيث إنّ هذا الإنشداد هو أكبر عدوٍّ لسعادتكم الحقيقية، حيث يجعلكم في غفلة عن ذكر الله ويمنعكم من مسيرة التكامل.

هذه المصائب هي إنذار للغافلين وسوط على الأرواح التي تعيش الغفلة والسبات، ودلالة على قصر عمر الدنيا وعدم خلودها وبقائها.

والحقيقة أنّ المظاهر البرّاقة لدار الغرور تبهر الإنسان وتلهيه بسرعة عن ذكر الحقّ سبحانه، وقد يستيقظ فجأةً ويرى أنّ الوقت قد فات وقد تخلّف عن الركب.

هذه الحوادث كانت ولا تزال في الحياة، وستبقى بالرغم من التقدّم العلمي العظيم، ولن يستطيع العلم أن يمنع حدوثها ونتائجها المؤلمة، كالزلازل والطوفان والسيول والأمطار وما إلى ذلك... وهي درس من قسوة الحياة وصرخة مدوّية فيها...
وهذا لا يعني أن يعرض الإنسان عن الهبات الإلهیّة في هذا العالم أو يمتنع من الإستفادة منها، ولكن المهمّ ألاّ يصبح أسيراً فيها، وألاّ يجعلها هي الهدف والنقطة المركزية في حياته.

ومن ملاحظة ما تقدّم أعلاه فإنّ المؤمنين عندما يرزقون النعم من قبل الله سبحانه فإنّهم يعتبرون أنفسهم مؤتمنين عليها، ولا يأسفون على فقدانها وفواتها، ولا يغفلون ويسكرون بوجودها، إذ يعتبرون أنفسهم كالأشخاص المسؤولين عن بيت المال إذ يستلمون في يوم أموالا كثيرة ويدفعونها في اليوم الثاني، وعندئذ لا يفرحون باستلامها، ولا يحزنون على إعطائها.

وكم هو تعبير رائع ما قاله أمير المؤمنين(عليه السلام) حول هذه الآية: «الزهد كلّه بين كلمتين في القرآن الكريم قال تعالى: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم)، ومن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطر فيه».والنقطة الاُخرى الجديرة بالملاحظة هي أنّ هذا الأصل وجود المصائب في حياة الإنسان أمر قدّر عليه طبقاً لسنّة حكيمة، حيث إنّ الدنيا في حالة غير مستقرّة، وهذا الأصل يعطي للإنسان الشجاعة لتحمّل المصائب ويمنحه الصبر والسكينة أمام الحوادث ويكون مانعاً له من الجزع والضجر ..

ونؤکّد مرّة اُخرى أنّ هذا يتعلّق فقط بالمصائب المقدّرة وغير القابلة للردّ، وإلاّ فإنّ المصائب والمصاعب التي تكون بسبب ذنوب الإنسان وتسامحه في الطاعات والالتزامات الإلهیّة، فإنّها خارجة عن هذا البحث، ولمواجهتها لابدّ من وضع برنامج صحيح في حياة الإنسان .


* الأمثل، ج 13، ص 596.

2015-08-12