يتم التحميل...

العمل

مفاهيم

استطاعت النظرة إلى الأرض لدى الإنسان الأوروبيّ أن تفجّر طاقاته في البناء. وأدّت أيضاً إلى ألوان التنافس المحموم على الأرض وخيراتها.

عدد الزوار: 33

٭ استطاعت النظرة إلى الأرض لدى الإنسان الأوروبيّ أن تفجّر طاقاته في البناء. وأدّت أيضاً إلى ألوان التنافس المحموم على الأرض وخيراتها. ونشأت أشكال من استغلال الإنسان لأخيه الإنسان لأنّ تعلّق هذا الكائن بالأرض وثرواتها جعله يضحّي بأخيه ويحوّله من شريك إلى أداة.

منابع القدرة في الدّولة الإسلاميّّة ص: 19

٭ الغيبيّة العميقة في مزاج الإنسان الشرقيّ المسلم حدّت من قوّة إغراء المادة وقابليّتها لإثارته، الأمر الّذي يتّجه بالإنسان في العالم الإسلاميّ ـ حين يتجرّد من دوافع معنويّة للتفاعل مع المادة وإغرائه باستثمارها ـ إلى موقف سلبيّ تجاهها يتّخذ شكل الزهد تارة والقناعة تارة ثانية والكسل تارة ثالثة.

منابع القدرة في الدّولة الإسلاميّة ص: 19

٭ إذا أُلبست الأرض إطار السّماء وأُعطي العمل مع الطبيعة صفة الواجب ومفهوم العبادة فسوف تتحوّل تلك النظرة الغيبيّة لدى الإنسان المسلم إلى طاقة محرّكة وقوّة دفع نحو المساهمة بأكبر قدر ممكن في رفع مستوى الحياة. وهذا بالضبط ما تصنعه الدّولة الإسلاميّّة فإنّها لا تنتزع من الإنسان نظرته العميقة إلى السّماء وإنّما تعطي له المعنى الصحيح للسماء وتسبغ طابع الشرعيّة والواجب على العمل في الأرض بوصفه مظهراً من مظاهر خلافة الإنسان لله على الكون.

منابع القدرة في الدّولة الإسلاميّّة ص: 19

٭ المسلمون الّذين يمارسون إعمار الأرض بوصفها جزءاً من السّماء الّتي يتطلّعون إليها ويساهمون في تنمية الثّروة باعتبارهم خلفاء عليها أبعد ما يكونون عن الزهد السلبيّ الّذي يقعد بالإنسان عن دوره في الخلافة وأقرب ما يكونون إلى الزهد الإيجابيّ الّذي يجعل منهم سادة للدنيا لا عبيداً لها ويحصّنهم ضدّ التحوّل إلى طواغيت لاستغلال الآخرين.

منابع القدرة في الدّولة الإسلاميّّة ص: 19

٭ الإسلام يهتمّ بدوافع العمل لا بمنافعه، ويرى أنه يستمدّ قيمته من الدوافع لا من المنافع، فلا عمل إلّا بنيّة، وما لم تتوفّر النيّة الصالحة لا يكون العمل صالحاً مهما كانت منافعه الّتي تنشأ عنه.

الإطار الفكري العام للأعمال الصالحة ص:4

٭ إنّ الإسلام يقيس قيمة الأعمال بالدوافع والمقدّمات والإطارات الفكريّة العامّة الّتي تختمر بذرة العمل ضمن نطاقها، بينما يقيس غيره قيمة الأعمال بالنتائج والمنافع والمجالات الحياتيّة الّتي يساهم العمل في إصلاحها.

الإطار الفكري العام للأعمال الصالحة ص:5

٭ إنّ العمل في إطار الإيمان وبدافع إلهيّ لا يمكن أن يقارَن بأيّ عمل آخر خارج هذا النطاق مهما بدا عظيماً، لأنّ قيمة العمل تنبثق من إطاره ودوافعه لا من مظهره الخارجيّ.

الإطار الفكري العام للأعمال الصالحة ص:6

٭ حرّم الإسلام الرياء، واعتبر العبادة الّتي يجرّدها العابد عن الإطار الإيمانيّ والدوافع الإلهيّة جريمة وشركاً، مهما كان أثرها في المجتمع أو لونها الظاهريّ.

الإطار الفكري العام للأعمال الصالحة ص:6

٭ حثّ الإسلام على صدقة السرّ والتكتّم ببعض ألوان البرّ، حرصاً منه على توفير المقوّمات الأساسيّة للعمل الصالح. فهو يطلب من الفرد أن يبتعد بعمله الصالح عن مجالات الإغراء ليتأكّد من صلاحه وسلامة رصيده الروحيّ ومدلوله النفسيّ، بينما نجد المجتمعات الغربيّة أو غير الإسلاميّة في سلوكها الحياتيّ والنفسيّ تحشد كلّ وسائل الإغراء لدفع الناس إلى الأعمال المفيدة، حتّى يفقد العمل المفيد كلّ قيمة خلقيّة في ضجّة الإغراء المحموم.

الإطار الفكري العام للأعمال الصالحة ص:7

٭ قد يكون العمل الضئيل التافه في مظهره الاجتماعيّّ أرفع وأسمى من عمل جبّار يدوّي له التاريخ. قد تكون هذه الخفقة الّتي يخفق بها قلبك شفقة على الأعمى حين تجده يتسكّع في الطريق فتأخذ بيده لترشده السبيل طلباً لرضا الله، أفضل ألف مرّة من تضحية يترتّب عليها أهمّ المصالح الاجتماعيّّة، يدفعك إليها دافع من الدوافع الماديّة بعيداً عن الإطار الاجتماعيّّ العامّ.

الإطار الفكري العام للأعمال الصالحة ص:7

٭ لا ينظر الإسلام إلى المظهر الخارجيّ للعلاقات الاجتماعيّّة فحسب، ولا يعنى بالجانب الموضوعيّ من التعايش الاجتماعيّّ وحياة الناس فقط، إيماناً منه أي لأنّه يؤمن بأنّ هذا الجانب وذلك المظهر ليس إلّا صورة عن حقيقة أعمق وأخطر تعيش في داخل الإنسان.

الإطار الفكري العام للأعمال الصالحة ص:4

٭ ليس المهمّ في نظر الإسلام أن يصنع علاقات اجتماعيّّة بين الناس ذات جانب موضوعيّ نظيف، أيّ ذات منافع وفوائد في الحقل الاجتماعيّّ، وإنّما المهمّ أن يصنع إنساناً نظيفاً ويشيّد علاقات نابعة من جوانب ذاتيّة مشرقة.

الإطار الفكري العام للأعمال الصالحة ص:4

٭ بكلمة واحدة فإنّ الإسلام يريد أن يصنع الإنسان نفسه صنعاً إسلاميّاً، فهو يتبنّى لأجل ذلك تربية هذا الإنسان، ويستهدف قبل كلّ شيء تكوين محتواه الداخليّ والروحيّ وفقاً لمفهومه، بينما تتخلّى الرأسماليّة عن هذه الوظيفة الأساسيّة وتترك الإنسان ليصنع نفسه بنفسه، وتكتفي بتنظيم العلاقات بين الناس وتهتمّ بالنتائج والمنافع دون الدوافع الفكريّة والأرصدة الروحيّة الّتي تختفي وراء تلك العلاقات وتنعكس فيها.

الإطار الفكري العام للأعمال الصالحة ص:5


* الكلمات القصار, السيد محمد باقر الصدر قدس سره, إعداد ونشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.    

2013-03-05