يتم التحميل...

تعدي حدود اللّه

الموضوعات الغيبية في القرآن

ان الـمـقصود من الحدود الالهية قوانينه واحكامه وتعاليمه، وان كان اهل اللغة قد نقلوا ثلاثة معان مـخـتلفة لكلمة "الحد" وهي : المنع، ونهاية كل شي،والشدة ولكن يبدو انها تعود باجمعها الى معنى "المنع" لان انتها الشي يمنع اختلاطه بغيره

عدد الزوار: 18

وهذا ايضا واحد من العناوين العامة التي وعد القرآن بان جزاها النار ﴿وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ النساء ـ14.

ان الـمـقصود من الحدود الالهية قوانينه واحكامه وتعاليمه، وان كان اهل اللغة قد نقلوا ثلاثة معان مـخـتلفة لكلمة "الحد" وهي : المنع، ونهاية كل شي،والشدة ولكن يبدو انها تعود باجمعها الى معنى "المنع" لان انتها الشي يمنع اختلاطه بغيره كما ان حدود البيت والحقل والبلد تـمنع اختلاطها مع غيرها من البيوت والحقول والبلدان، وبما ان مفهوم المنع يخفي بين طياته نوعا من الشدة،فقد استخدم احيانا بمعناها ايضا.

ولهذا اطلق على الاحكام الالهية اسم "الحدود" التي تعين للانسان "المناطق الممنوعة " التي لا يجوز له دخولها، وهذا هو السبب في تسمية العقوبات الشرعية بالحد لانها تحول دون تكراره.

وعلى اية حال فقد وردت عبارة "تلك حدود اللّه " في عدة مواضع من القرآن الكريم وكلها جاءت بعد تبيان سلسلة من الاحكام الالهية.

وقـد جـاءت في الاية التي نحن بصدد بحثها بعد بيانها لاحكام الارث،وفي الايتين 229، 230 من سـورة الـبـقرة والاية الاولى من سورة الطلاق بعد تبيان قسم من احكام الطلاق، وجاءت في الاية (187) مـن سـورة الـبقرة بعد تحريم الجماع خلال الاعتكاف وبعض احكام الصوم، ووردت في الايـة (4) من سورة المجادلة بعد بيان كفارة الظهار، ويفهم من مجموعها ان حدود اللّه كلمة ذات مدلول واسع يشمل كل حكم من هذا القبيل.

فـنحن نعلم من جهة ان ارتكاب اي جرم كان لا يستدعي الخلود في النار وعلى هذا قد يكون القصد من الاية اعلاه الاشخاص الذين يتعدون حدود اللّه بالطغيان والعناد والتمرد وانكار آيات اللّه، او كـل مـن يـتـجـاهل هذه الحدود وينغمس في المعاصي حتى يذهب من هذه الدنيا من غير ان يلامس الايـمـان قـلـبه، والا فنحن نعلم ان فريقا من العاصين يشملهم العفو الالهي، وفريقا آخر تشملهم الشفاعة وفريقا آخر تغفر لهم صغائر الذنوب، وكذلك يغفر للتوابين.

وقد استدلت فئة من الوعيدية الذين يعتقدون بخلود مرتكب الكبيرة في النار بهذه الاية وامثالها، الا ان جواب ذلك واضح من خلال ماذكرناه.


* نفحات قرأنية /6/ بحث الجنة / اية الله مكارم الشيرازي.

2015-02-01