يتم التحميل...

س 36: ما هي نصيحتكم للشباب؟

110سؤال وجواب

ما هي نصيحتكم للشباب فيما يخص اكتساب الفضائل والسجايا الأخلاقية والقيم الإنسانية السّامية؟

عدد الزوار: 18

س 36: ما هي نصيحتكم للشباب فيما يخص اكتساب الفضائل والسجايا الأخلاقية والقيم الإنسانية السّامية؟

ج: هناك طرق عديدة ومشارب مختلفة في الإصلاح الأخلاقي وتهذيب النفس. من هذه الطرق، الطريق السقراطي، الذي يقول أن على الإنسان أن يصلح نفسه من طريق العقل والتدبير، بحيث يجب على الإنسان بداية أن يؤمن بفوائد تزكية النفس، ومضرات الرذائل، والتشتت الأخلاقي إيماناً كاملا، ثم يجد الصفات المذمومة واحدة واحدة، وذلك بإعمال آلة العقل، وطبقاً لهذا الأسلوب يتوجب إزالة المفاسد الأخلاقية والرذائل، تدريجيا، بالصبر والحسابات الدقيقة وإعمال الفكر، فالفلاسفة يريدون إصلاح الأخلاق من طريق الفكر والحساب.

لا شك أن هذا الطريق صحيح، وهذه الوسيلة ناجعة، أما بالمقايسة مع الوسائل الأخرى، وتقييمها مع الطرق المختلفة فهناك كلام. فأهل العرفان والسير والسلوك يتوسلون طريق المحبة والإرادة بدلا من طريق العقل والاستدلال، فيقولون: جد شخصية كاملة وضع سلسلة المحبة والإرادة بعنق القلب» جد الكامل ودع البقية برهن القلب» (أي أن القلب عندما يتعرف إلى الكمال فإنه يتبعه ويقلده عن طريق المحبة والإرادة والتعلق)، وهذا السبيل أسرع وأقل خطراً من العقل والاستدلال.

إن تأثير قوى العقل، في إصلاح المفاسد الأخلاقية، يشبه إلى حد بعيد عمل شخص يريد جمع ذرات معدن الحديد من التراب بيده. إن هذا العمل مضني ومتعب، وكم يستغرق من الوقت؟ أما إذا كان في يده مغناطيس قوي فمن الممكن جمع ذرات الحديد بمجرد تمريرها فوق التراب!

إن قوى الإرادة والمحبة تشبه قوى المغناطيس، فهي تجمع الصفات القبيحة والرذائل، وتلقيها بعيدا بسرعة وأقل مشقة.

أجل، إن هؤلاء الذين سلكوا هذه الطريق، يريدون إصلاح الأخلاق من طريق قوى المحبة، ويعتمدون على قدرة العشق والإرادة. وقد دلت التجربة أن قراءة مئات المجلدات والكتب الأخلاقية لا تؤثر في الروح، وليس لها وقع على النفس، كما هو الحال في تأثير مصاحبة الفضلاء والطيبين ومحبتهم وإرادتهم.

وكثيرا ما نرى فضلاء وأشخاص كبار وطيبون، ونرى أن مريديهم ومحبيهم يقلدونهم في مشيتهم وطريقة لباسهم، وحتى في حركاتهم وكلامهم. هذا التقليد ليس اختياراً، بل طبيعياً وذاتياً، وهذا تأثير الكبار في مريديهم.

إن قوة المحبة والإرادة تؤثر في جميع أركان وجود المحب، وفي كل أعضاء بدنه؛ بحيث تجعل جميع أحواله مشابهة لأحوال المحبوب ومطابقة لها، وهذا ما يوجب على كل إنسان- من أجل إصلاح نفسه- أن يبحث عن حقيقة ويتبع كاملاً، فيريده ويعشقه حتى يتمكن بحق أن يصلح ذاته.

إذا همَّ الإنسان لإنجاز عمل خير، أو صمَّم على عبادة، فإن الكسل والوهن يثبطان من همته، فيدخلها الضعف، لكن عندما تأتي المحبة والإرادة، فإن الوهن يذهب، والرخاوة تستحيل شدة، والعزم يصبح راسخاً، والهمة قوية وشديدة.1


1- جاذبه ودافعه علي (عليه السلام) (جذب الامام علي (عليه السلام) ودفعه)، ص 70 - 73.

2016-01-20