يتم التحميل...

أبغض الحلال إلى الله الطلاق

المسلك القرآني

مما لا شك فيه أن عقد الزوجية من جملة العقود والمواثيق القابلة للفسخ، فهناك حالات من الخلاف لا يمكن معها استمرار العلاقة الزوجية، وإلا فإنها ستؤدي إلى مشاكل ومفاسد خطيرة وعديدة. ولهذا نجد الإسلام قد شرع أمر الطلاق من الناحية المبدأية.

عدد الزوار: 22

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرً [الطلاق: 1

مما لا شك فيه أن عقد الزوجية من جملة العقود والمواثيق القابلة للفسخ، فهناك حالات من الخلاف لا يمكن معها استمرار العلاقة الزوجية، وإلا فإنها ستؤدي إلى مشاكل ومفاسد خطيرة وعديدة. ولهذا نجد الإسلام قد شرع أمر الطلاق من الناحية المبدأية.

بينما نلاحظ المجتمعات المسيحية التي منعت الطلاق - بأي شكل من الأشكال - تعيش مشاكل متعددة نتيجة لذلك، فغالبا ما يعيش الزوجان المختلفان حالة انفصال وتباعد، أو حالة طلاقة من الناحية العملية، رغم عدم الاعتراف بذلك من الناحية الرسمية. وكثيرا يلجأ الزوجان إلى اختيار زوج آخر غير رسمي.

وبناء على ذلك فإن أصل الطلاق من الضروريات التي لا يمكن إلغاؤها بأي وجه من الوجوه ، ولكن ينبغي أن لا يصار إليها إلا في الحالات التي يتعذر فيها مواصلة العلاقة الزوجية والحياة المشتركة.

ولهذا نجد أن الطلاق قد ذم في روايات إسلامية عديدة، وذكر على أنه ) أبغض الحلال إلى الله ( ففي رواية عن الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال: " ما من شيء أبغض إلى الله عز وجل من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة، يعني الطلاق "(1)

وفي حديث آخر عن الإمام الصادق ( عليه السلام ): " ما من شيء مما أحله الله أبغض إليه من الطلاق " (2)

وفي آخر عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ): " تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز منه العرش " (3)

وكيف لا يكون كذلك ؟ ! والطلاق هو السبب وراء مآس عديدة تحل بالعوائل والرجال والنساء، وأكثر منهم بالأطفال والأولاد، ويمكن تقسيم تلك المآسي إلى ثلاثة أقسام :

1. المشاكل العاطفية: مما لا شك فيه أن انتهاء العلاقة الزوجية بالطلاق والفراق، بعد حياة مشتركة عاشها الزوج والزوجة مع، ستترك آثارا سيئة على الصعيد العاطفي على كلا الطرفين. وإذا أقدم أحدهما على الزواج مرة أخرى فسيبقى ينظر بشيء من القلق والارتياب إلى الطرف الآخر، وربما أعرض بعضهم عن الزواج نهائيا تحت تأثير التجربة الأولى الفاشلة.

2. المشاكل الاجتماعية: غالبا ما تحرم النساء المطلقات من الحصول على الزوج المؤهل والكفوء مرة أخرى، كما قد يواجه الرجال نفس المسألة حينما يبدأون يفكرون بالزواج مرة أخرى، وقد يضطر هؤلاء إلى الزواج رغم عدم قناعاتهم، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان السعادة والراحة إلى الأبد. خصوصا مع وجود أطفال من الزواج الأول.

3.  مشاكل الأطفال: وهذه أهم المشاكل حيث يحرم الأطفال من حنان ورعاية الام، ويعيشون في كنف زوجة أبيهم التي لا تنظر إلى هؤلاء الأطفال وتعاملهم كما تعامل أطفالها الحقيقيين. وبهذا سيعيش الأبناء فراغا عاطفيا من هذا الجانب لا يعوضه شيء.

وتتكرر نفس الصورة فيما إذا حملت المرأة أطفالها معها إلى الزوج الجديد، فإن هذا الزوج الجديد لا يحل غالبا محل الأب الحقيقي. وهذا لا يعني أنه لا يوجد نساء ورجال يمتلكون المحبة والشفقة التي تمتلكها الأمهات والآباء تجاه أطفالهم، ولكن مثل هؤلاء الناس قليلون في المجتمع ويندر الحصول عليهم.

وبناء على ذلك سيعيش هؤلاء الأطفال المحرومون من حب الام والأب عقدا معينة على الصعيد الروحي والعاطفي، وربما يؤدي إلى فقدانهم السلامة الروحية. ولهذا سيعاني المجتمع بأجمعه - وليس العائلة فقط - من هؤلاء الأطفال الذين قد يشكلون في بعض الأحيان ظاهرة خطيرة عندما يعيشون حالة النقص وحب الانتقام من المجتمع.

وعندما وضع الإسلام كل تلك الموانع والصعوبات بوجه الطلاق، فإنما أراد أن يجنب المجتمع الإسلامي الوقوع بتلك المشاكل. ولهذا السبب أيضا نلاحظ القرآن الكريم قد حث بشكل صريح كلا من الرجل والمرأة على أن يتجها إلى العائلة والأقرباء لحل الاختلاف والمشاكل التي قد تنشأ بينهم، عن طريق تشكيل محكمة صلح عائلية تعرض عليها الاختلافات والنزاعات بدل عرضها على المحاكم الشرعية وحصول الطلاق والانفصال . ( وضحنا هذا الأمر - أي محكمة الصلح العائلية في ذيل الآية 35 سورة النساء ). وفي نفس الوقت نجد أن الإسلام شجع كل ما من شأنه تقوية الأواصر العائلية وتقويته، وشجب كل محاولة لإضعافها وتفكيكه.


1. وسائل الشيعة، ج15، ص266، ح1، (ج22، ص8، الطبعة ال البيت).
2. المصدر السابق، ح5.
3. المصدر السابق، ص268، ح7.

2016-01-26