يتم التحميل...

استهداف العلماء

مكانة العلماء

"عليّ أن أبيّن لجميع الحوزات العلمية، من حوزة قم وحوزة مشهد وجميع الحوزات التي ترونها، وأقول: إنكم اليوم على رأس لائحة المستهدفين للأهداف الخبيثة للدول الكبرى"

عدد الزوار: 12

"عليّ أن أبيّن لجميع الحوزات العلمية، من حوزة قم وحوزة مشهد وجميع الحوزات التي ترونها، وأقول: إنكم اليوم على رأس لائحة المستهدفين للأهداف الخبيثة للدول الكبرى"1.

الإمام الخميني قدس سره

هناك عدة عوامل جعلت العلماء مستهدفين من كل حدب وصوب، لم تستهدف الأسلحة أجسادهم فحسب بل استهدفت الألسنة مقامهم ومكانتهم بين الناس، ولنذكر بعض تلك العوامل التي جعلتهم مستهدفين:

استهدافهم من قبل المستعمر:
إن هذه الدور التاريخي والفاعل للعلماء لم يكن ليغفل عنه المتكبرون والمستعمرون الطامعون بالسيطرة على الأمة ومقدراتها، لذلك كان هذا الصرح والحصن مستهدفاً على الدوام من قبلهم وسيبقى مستهدفاً على الدوام كما تنبأ الإمام الخميني قدس سره:
"وسيشهد العالم الإسلامي من الآن فصاعداً كل فترة انفجاراً لحنق ناهبي العالم ضد عالم مجاهد، فعلماء الإسلام الأصيلون لم يخضعوا أبداً للرأسماليين وعبدة المال والزعماء وصانوا شرفهم ومنقبتهم هذه دوماً".

ويقول أيضاً:
"عليّ أن أبيّن لجميع الحوزات العلمية، من حوزة قم وحوزة مشهد وجميع الحوزات التي ترونها، وأقول: إنكم اليوم على رأس لائحة المستهدفين للأهداف الخبيثة للدول الكبرى"
2.

والمشكلة التي واجهها المستكبرون أن العلماء هم غير مرتبطين مادياً بأحد حتى يتم الضغط عليهم من خلال المادة، ولا تابعين لزعيم حتى يروَّضوا بترويض الزعيم، ولا طامعين بشيء من حطام الدنيا حتى يتم المتاجرة معهم على المواقف، وهذا سبب محلهم في قلوب الناس، يقول الإمام الخميني قدس سره:
"إن الدعاية للعلماء والفقاهة لم تكن تحت ظل الحراب، ولا برأسمال عبدة المال والأثرياء، بل بالفن والصدق والتزامهم، مهما دفع الناس لاختيارهم"
3.

لذلك بعد أن يئس المستعمر من تطويع العلماء لمصلحته، لم يعد أمامه إلا استهداف مركز العلماء بين الناس لإبعادهم عنه ومنع تأثيره بهم.

"إنهم يعرضون الإسلام بشكل سيئ ويعرضون المعمم بشكل سيئ، لماذا؟ لأن ما يقف في وجههم هو الإسلام، ولأن من يريد تطبيقه

هو المعمم. أولئك لا يريدون أن يتحقق هذا الأمر، لهذا يريدون عرض الإسلام بشكل سيئ ليبتعد الناس عن الإسلام وليهمّش المعَّمم، ويبقون هم، فيفعلون ما يحلو لهم"4.

دس الاستعمار:
يقول الإمام الخميني قدس سره:
"من الطرق الهامة التي سلكوها لتحقيق أهدافهم المشؤومة والخطرة ضد الإسلام والحوزات الإسلامية دس أفراد منحرفين وفاسدين في الحوزات العلمية، والخطر الكبير لذلك في المدى القصير والإساءة إلى اسم الحوزات العلمية بأعمالهم غير اللائقة وأخلاقهم وأساليبهم المنحرفة. والخطر العظيم جداً لذلك في المدى البعيد هو أن يصل شخص أو عدة أشخاص إلى المراتب العليا مرائين ختالين يطلعون على العلوم الإسلامية..."
5.

وفي بعض الحالات قد لا يكون الشخص مدسوساً من قبل المستعمر، ولكن يفتقد مقومات طالب العلم الأساسية ولا يمكن قابلية تحمل هذه المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتقه، فتراه يسقط عند الامتحان، وكان الإمام يحذر من هذا النوع ويقول:
"في أحد الأيام اجتمع في منزلنا المرحوم السيد البروجردي والمرحوم السيد الحجت والمرحوم السيد الصدر والمرحوم السيد الخونساري ـ رضوان الله عليهم ـ للتباحث في شأن سياسي، فقلت لهم: قبل أي شيء بيّنوا لنا تكليف هؤلاء المتظاهرين بالقداسة. فمثل أولئك كما لو هاجمكم العدو فقيّد أحدهم أيديكم. أولئك الذين ينعتون بالمقدسين، ليسوا مقدسين حقيقيين، ولا يلتفتون إلى المفاسد والمصالح، وقد قيدوا أيديكم...".

أو تراه متحجراً في تفكيره غير قادر على فهم الإسلام على حقيقته، يظن أن الإسلام هو مجرد صلاة وصوم وعبادات فردية ولا يلتفت إلى أنه ـ بالإضافة إلى ذلك ـ نظام عام وحكم بين الناس، فربما تصادف صوتاً من هنا أو هنا ليرتفع مطالباً بفصل الدين عن السياسة وترك المفسدين يفسدون كما يحلو لهم!، يقول الإمام الخميني قدس سره:
"إذا ظهر من يقول تعالوا لنكون أحياءً، تعالوا نرفض العيش تحت ظل راية الآخرين، لا تدعو إسرائيل تشل المسلمين بهذا الشكل، يهب أولئك المتظاهرين بالقداسة لمعارضته"
6.

حب الدنيا:
من الناس من نسي هدفه الذي خلقه الله تعالى لأجله وصار أكثر همه الدنيا وما فيها من زخارف زائفة، يرى هؤلاء المنحرفون المتعلقون بالدنيا أن المانع الأساسي الذي يقف في طريق حصولهم على أغراضهم وأهدافهم المحرمة هم العلماء بما يحملوه من وضوح رؤية ومواقف صارمة لا تأخذهم في الله لومة لائم، فيدخل ـ من حيث يشعر أو لا يشعر ـ في موضوع تشويه سمعة العلماء وإضعاف موقفهم ومحلهم من القلوب.

ويشير الإمام الخميني قدس سره إلى شيء من ذلك في بعض كلماته:
"هل التكليف الشرعي يقتضي من الإنسان أن يوجه الإهانات للمسلمين؟ أن يوجه الإهانات للعلماء؟ أن يهين زملاءه؟ هل هذا هو التكليف الشرعي؟ إنها الدنيا أيها السادة، إنها أهواء النفس".

رواد الأزقة:
هناك طبقة من الناس تستهوي الكلام السيئ وقصص الغيبة والبهتان، لا لشيء محدد سوى مشكلة أخلاقية تربوية تجعلهم يتفاعلون مع كل دعاية أو شائعة بدون تعقل أو هدف محدد، يقول الإمام الخميني قدس سره:
"كل من يرى كتاب جواهر الكلام يدرك مدى جهود المجتهدين الذين يتطاول اليوم عليهم عدد من رواد الأزقة ليحددوا لهم تكليفهم!"
7.

التسرع في الكتابة:
في بعض الحالات يقع بعض الكتاب المثقفين في خدمة هذه المشاريع لا عن سوء نية، وإنما بسبب نقص في معلوماتهم وقلة متابعاتهم، يقول الإمام الخميني قدس سره مشيراً إلى هؤلاء:
"أما تلك الفئات المتنورة والجامعية والطلاب الجدد وأولئك أيدهم الله، أولئك الذين هم خدمٌ للإسلام أيدهم الله، فإن لي عليهم لوماً، لأني أرى أنهم في بعض كتاباتهم حول الفقهاء، وحول الفقه، وحول علماء الإسلام، وحول الفقه الإسلامي، قد تسرعوا فيها إلى حدٍ ما، لقد أطلقوا فيها كلاماً غير مناسب بعض الشيء, وليس لهم هدف من ذلك، إني أعلم أنهم غالباً ما يرجون خدمة للإسلام، وليسوا مغرضين، ولا يتكلمون عن سوء نية، بل إن معلوماتهم قليلة"
8.

علينا أن نحذر تماماً من كل ذلك, وقد حذر الإمام الخميني "قدس سره " عدة مرات, وقال في أحد كلماته:
"اجتمع حولكم أعداء كثيرون, من كل حدب وصوب وطبقة, وها هي الخطط الآثمة والخطرة تنفذ من اجل القضاء عليكم وعلى الحوزات العلمية, وتراود عملاء الاستعمار أحلام عميقة".


1- من كلام لسماحته بتاريخ 7/7/1979 في جمع من علماء طهران، صحيفة نور جزء 8، صفحة 67.
2- من كلام لسماحته بتاريخ 7/7/1979 في جمع من علماء طهران، صحيفة نور جزء 8. صفحة 67.
3- من نداء لسماحته بتاريخ 22/2/1989 إلى مراجع الإسلام وعلماء البلاد.
4- من كلام لسماحته بتاريخ 11/10/1978، حول مهمة الشاه في تنفيذ المشاريع الاستعمارية، صحيفة نور جزء 2، صفحة 139.
5- من وصيته السياسية الإلهية بتاريخ 4/6/1989.
6- من كتاب الحكومة الإسلامية.
7- من كتاب كشف الأسرار، للإمام الخميني قدس سره.
8- من كلام لسماحته بتاريخ 30/11/1977 بعد استشهاد نجل الأكبر السيد مصطفى، صحيفة نور جزء 1، ص258.

2016-03-12