يتم التحميل...

الرسول الأكرم والقراءة والكتابة

سؤال_جواب

كيف يُقيّم عدم اهتمام شخص الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بالقراءة والكتابة، علما بأن الإسلام يؤكد على ضرورة تحصيل العلم ويدعو الى التعلم والقراءة والكتابة؟

عدد الزوار: 40
#سؤال: كيف يُقيّم عدم اهتمام شخص الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بالقراءة والكتابة، علما بأن الإسلام يؤكد على ضرورة تحصيل العلم ويدعو الى التعلم والقراءة والكتابة؟

الجواب: من المسلم به وما هو متفق عليه بين جميع العلماء المسلمين، أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن عنده أدنى علم بالكتابة والقراءة قبل البعثة المباركة بالرسالة، أما مرحلة ما بعد البعثة فهذا الأمر ليس قطعياً، وما يستفاد من مجموعة الأدلة والقوانين، أنه (عليه السلام) لم يقرأ ولم يكتب في زمن الرسالة الشريفة.

النصوص التاريخية القديمة والمعتبرة التي وصلت إلينا، تقول أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يتخذ في المدينة مجموعة «كَتَبَة». هؤلاء الكتبة هم الذين كانوا يكتبون الوحي وأحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والعقود والمعاملات بين الناس، كذلك كتابة العهود والمواثيق التي يقيمها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مع المشركين واليهود وأهل الكتاب، بالإضافة إلى تسجيل الغنائم والأخماس، وكتابة الرسائل التي يرسلها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الأطراف والأكناف والقبائل.

والمعروف أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكتب بخط يده الشريفة أياً من هذه الرسائل والعهود والمواثيق، ولم نر في مكان ما أنه قيل أن الرسول كتب الرسالة الفلانية بخط يده؛ وأكثر من ذلك، لم يصلنا أنه كتب آية من آيات القرآن الشريف بخطه المبارك، في حين أن «كتّاب الوحي» كل واحد منهم قد كتب قرآناً. فهل يعقل أن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يكتب، ثم أنه لم يكتب بخط يده قرآناً أو سورة أو حتى آية واحدة من القرآن الكريم، أو كيف يمكن أن الرسول كتب شيئاً ولو سطراً واحداً، وأن المسلمين لم يحفظوا هذا الأثر المبارك، مع علمنا بعنايتهم العجيبة في حفظ الآثار، خصوصاً، آثاره المباركة، فكيف لم يبق هذا الأثر؟!

القرائن والعلامات تشير إلى أن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يثبت أنه كتب أثناء البعثة، أما بالنسبة إلى القراءة، فلا يمكن النفي بشكل قاطع أنه (عليه السلام) لم يقرأ، مع وجود أدلة وقرائن كثيرة تشير إلى أنه (عليه السلام) لم يقرأ في هذه المرحلة.

لكن السؤال الذي يطرح، أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وفي جميع تعاليمه وأوامره، كان أول من يعمل بهذه التعاليم، فكيف يعقل أنه لم يعمل بهذه المسألة «القراءة والكتابة».

إن مثال هذه المسألة، ينطبق على الطبيب الذي يصف الدواء للمريض، فهل يجب على الطبيب أن يتناول الدواء أولاً؟ من البديهي أن الطبيب إذا كان مريضاً فهو بحاجة إلى الدواء، وعليه تناوله قبل الآخرين، أما في حال لم يكن مريضاً فالمسألة مختلفة.

علينا أن ندرك، أولاً، هل كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بحاجة إلى القراءة والكتابة، كما يحتاجها الآخرون ليكون امتلاكها سبباً في الكمال وفقدها نقصاً. هل أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يفعل ذلك، أم أن لديه وضع خاص ولم يكن بحاجة إلى هذه الصفة، فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان السبّاق في العبادات، في الإيثار والتضحية، في التقوى والزهد، والاستقامة والثبات، وحسن الخلق والتواضع، وسائر الأخلاق والآداب الحسنة، والكمالات كافّة، وكان المثال الذي يحتذى، لأن هذه الصفات كانت كمالا له وعدمها يُعدّ نقصاً، أما مسألة عدم «الكتابة والقراءة» فليست من هذا القبيل.

إن القيمة الحقيقية والفضلى للتعلم «القراءة والكتابة»، تكمن في أنها وسيلة لاستفادة البشر بعضهم من بعض، فيما يتعلق بالمعلومات والمعارف، هذا فيما يخص البشر؛ لكن هل الإنسان يجب أن يتعلم من البشر حتماً؟، هل عليه أخذ العلم من مثيله الإنسان؟، وهل عليه امتلاك جميع العلوم التي يعرفها الآخرون والتي تدعى «العلم»؟

أليس للإنسان أن يكون مبتكراً ومبدعاً؟ ألا يمكن للإنسان أن يستغني عن البشر الآخرين، فيقرأ في كتاب الخلقة والطبيعة؟ أليس للإنسان من المقام ما يمكّنه أن يتصل بعالم الغيب والملكوت، فيكون معلمه المباشر وهاديه هو الله تعالى؟
القرآن الكريم يقول {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}..
 
2016-07-12