يتم التحميل...

المرأةُ في شَريعةِ النبيّ

المرأة في القرآن والسنة

المرأة هي المدرسة الأُولى في الحياة ، وهي أحَد العنصرين الأساسيّين في تكوين المجموعة البشرية ، فنحن حينما نذكر المرأة نرى أنّها مدرسة نشء ومربية أجيال ،

عدد الزوار: 48

.. ( قِيمةُ المَرأةِ في الإسلام )
المرأة هي المدرسة الأُولى في الحياة ، وهي أحَد العنصرين الأساسيّين في تكوين المجموعة البشرية ، فنحن حينما نذكر المرأة نرى أنّها مدرسة نشء ومربية أجيال ، وحينما نأتي لنتحدّث عن دورها في المجتمع نلاحظ أنّها في الواقع نقطة لانطلاق المجموعة البشرية ، ولولاها لما كان هناك بشرٌ على وجه الأرض .

ونظراً لكونها المعهَد الفطري للوليد ولكون صدرها هو واهب الحياة للجيل اهتمّ الإِسلام بأنْ يلقي الضوء في شريعته وأحكامه على المرأة ومكانتها في المجتمع والحياة ، وأنْ يرتفع بها إلى مصاف الرجل لها ما له وعليها ما عليه ، بعد أنْ كانت المرأة مهضومة الحقّ في جميع الأنظمة الدوليّة التي وجِدت قبل الإسلام .

حتى أنّ كثيراً من الأُمَم كان قد راج فيها وأد البنات خوفاً من عارِ وجودهن على وجه الأرض ، وكان العلماء وزعماء الديانات يبحثون ويتناقشون على طول قرونٍ عديدة ، في أنّ المرأة هل هي إنسان أو غير إنسان ، وهل تحمل روحاً أم لا ، وكانت الديانة الهندوكية مثلاً قد سدّت أبواب تعليم كتبهم المقدّسة على المرأة ؛ لعدَم جدارتها لذلك ، والديانة البوذيّة لم يكن فيها سبيل لنجاة لِمَن اتصل بامرأة ، وأمّا في الديانات النصرانية واليهودية فقد كانت المرأة هي مصدر الإِثم ومرجعه فيهما ، وكذلك اليونان فلَم يكن للمرأة عندهم أيّ نصيب من العِلم والحضارة ولا ثقافة ولا حقوق مدنية ، وعلى مثله كانت الحال في الروم وفارس والصين وما عداها من مراكز الحضارة الإنسانية ، وكان نتيجة لهذا المقت العام الذي كانت تشعر به المرأة أنّها نسيت أنّ لها مكانة اجتماعية وأنّ لها كياناً خاصّاً .

ولكنّ الإِسلام هو الدين الوحيد الذي جاء لكي يعطي الصنفين ، ( الذكر والأنثى ) حقّه في الحياة ، وهو الدين الوحيد الذي أصلَح عقليّة الصنفين وبعث في الأذهان فكرة إعطاء حقوق المرأة وحفظ كرامتها ، ومن ناحيةٍ أُخرى فتَح أمامها أبواب العِلم والمعرفة وأباح لها أنْ تتعلّم ما تشاء من العلوم المقدّسة كقراءة القرآن ودراسته وتفسيره إذا أمكنها ذلك ، وقد جاء في الروايات عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أنّه قال : ( طلب العلم فريضةٌ على كلّ مسلم ومسلمة ) ، وقد أشاد القرآن بالمرأة وخصّها في آياتٍ كثيرة تُبيّن مكانتها في المجتمع : ( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ )(1) ، ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )(2) ، ( مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ )(3) .

وذلك لكي تشعر المرأة المسلمة بمسؤوليّتها في المجتمع ، ولكي يشعر المجتمع بوجودها وباعتبارها عضواً أساسيّاً في حياته ، ولكي لا تستغل إمكانيّاتها العاطفية والتكوينيّة استغلالاً ظالماً ، وعلى هذا الأساس فإنّ المرأة المسلمة قد حصلت في ظلّ الإسلام على حقوق وإمكانيّات لم تحصل عليها أيّة امرأة سِواها ، في شتّى القوانين والتشريعات ، وقد أرتفع الإسلام بالمرأة لحسابها الخاص ولمجرّد كونها إنسانه ، وأعطاها حقّها الطبيعي في كلّ أدوار حياتها الاجتماعية ، ونحن الآن في صدَد إعطاء فكرة مختصرة عن المرأة في تشريعات الإسلام ومفاهيمه .

المَرأة
جاء في الروايات الواردة عن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق ( عليه السلام ) رواية ، يحدّد فيها مفهومه ومفهوم الإسلام عن المرأة فيقول : ( المرأة الصالحة خيرٌ من ألفِ رجل غير صالح ) ، وهو يقصد بها أنْ يقرّر أنّ الإنسانيّة في نظر الإسلام لها قيمة واحدة وميزان واحد للكرامة ، بقطع النظر عن كلّ الصفات الطبيعية التي يتميّز بها الأفراد ، وهذا الميزان الوحيد في نظر الإسلام هو الصلاح والتقوى ، والأفضلية عند الإسلام هي أفضلية العمل الصالح .

فمهما كان الصلاح هنا متوفّراً كانت الإنسانيّة أفضل وأكمل ، ومهما أبتعد الإنسان عنه خسِر بذلك كرامته في مفهوم الإسلام كائناً من كان ، فلا الرجل بما هو رجل يفضُل المرأة ، ولا المرأة بما هي امرأة تفضُل الرجل ، ولا يتعارض هذا مع الوظائف التي وزّعت على الرجل والمرأة في الأُسرة الإسلاميّة ، ولا مع القيمومة التي أُعطيَت للرجل على المرأة فيها ، فإنّ هذه القيمومة التي اضطلع الرجل بموجبها بإدارة معاش البيت ، والحفاظ على وحدته لا تعبّر إلاّ عن توزيع طبيعي للوظائف ، في مجتمعٍ صغير وهو الأُسرة المتكوّنة من أبٍ يعيل ويحافظ وأُمّ تلِد وتربّي فهي ليست قيمومة أفضليّة ، وإلاّ لكان كلّ رجلٍ قيماً على المرأة التي يُعايشها ، وإنْ كانت أُمّه أو أُخته وليس الأمر كذلك ..

هذا بعض ما عناه الإمام الصادق ( عليه السلام ) في قوله : ( إنّ المرأة الصالحة خيرٌ من ألفِ رجلٍ غير صالح ) ، وقد أراد الإمام أيضاً أنْ يفتَح أمام المرأة مجالاً يُمكنّها فيه من أنْ تسمو بصلاحها على ألف رجل غير صالح ، وأنْ تثبت للمجتمع أنّها مؤهّلة للتفوّق على الرجال إذا تقدّمت عليهم بالتقوى والصلاح ، وانعكَس ذلك في مختلف حقول حياتها العائليّة والاجتماعية ، ولا يكفي أنْ تكون صالحة في بعض تلك الحقول دون بعض ، بل المرأة الصالحة هي التي أنشرح صدرها للإسلام ولتعاليمه ، فطهّرت روحيّاتها من عوامل الشر ، وعقمت فكرتها من شوائب الأهواء الشيطانية ، وحسنت سيرتها في محيطها الخاص ومحيطها العام ، وأغلقت أمام عواطفها جميع أبواب الحسَد والرياء والمكر والخداع ، وفتحت مشاعرها لتلقى كلّ ما هو خيرٌ وسليم ، وسلّم منها المجتمع وسلّمت منه لا تظلم مسكيناً ولا تهضم حقّاً ولا تعتدي على أحد ولا تظنّ بأحدٍ السوء ، وتحمل أختها المسلمة على سبعين محمل من الخير كما قد أوصاها به الله ورسوله ، هذه هي المرأة الصالحة التي جعل منها الإمام خيراً من ألف رجل غير صالح.  وهذا هو مفهوم الإسلام عن المرأة بما هي إنسانة لها عملها الصالح الذي يرتفع بها إلى حيثما تشاء تبعاً لمدى توفّره فيها .

والآن فهل لي أنْ أقول كلمةً أخيرة ، وقبل أنْ أبدأ بالبحوث الباقية فأقول : إنّ الصلاح بمعناه الحقيقي قلّما يتّفق لنا نحن بنات حوّاء ، وإنْ صادف فاتّفق لواحدةٍ منّا قام مجتمعها الظالم في إبعادها عنه أو إبعاده عنها بأيّ سبيل ، وحتى بدون أنْ تشعر هي أيضاً ، والذنب في هذا ذنبنا نحن وذنب مجتمعنا الفاسِد الذي تنعكس فيه المفاهيم ، وتنقلب القِيَم ويُتَنكّر للمُثل ، وإلاّ فإنّ أبواب الرُقيّ الحقيقي مفتوحةٌ أمامنا لا تردّ وافدةً ولا تمتنع من قبول قاصدةٍ ، وإسلامنا يعزّز ذلك ويشيد فيه ويدعو إليه .

بنت الهدى / المرأة مع النبي (ص).


(1) سورة آل عمران آية 195 .
(2) سورة النحل آية 97 .
(3) سورة غافر آية 40 .

2016-07-13