يتم التحميل...

الإنتساب إلى "مجلس الشورى" مسؤولية إلهية كبيرة

وصايا القائد

الإنتساب إلى "مجلس الشورى" مسؤولية إلهية كبيرة

عدد الزوار: 16

من كلمة الإمام الخامنئي في أول لقاء له بأعضاء "مجلس الشورى" الثامن 10/06/2008
الإنتساب إلى "مجلس الشورى" مسؤولية إلهية كبيرة
في إنجاز مثل هذا العمل الكبير، أي تأسيس نظام بهذه الخصائص والسمات، تساهم مختلف السلطات: السلطة التنفيذية، و السلطة التشريعية، والسلطة القضائية. و السلطة التشريعية هي كما ذكرنا مُعِدَّة برمجيات هذه الحركة العظيمة. لاحظوا كم هي مهمة هذه القضية.

ليست المسألة أننا تنافسنا مع شخص آخر مثلنا في المدينة الفلانية، و قمنا بعمل إعلامي، و قام هو بعمل إعلامي، وانتصرنا عليه في نهاية المطاف فصعدنا إلى المجلس و بدأنا نجلس على المقعد في هذه القاعة. ليست هذه هي القضية.. القضية فوق هذا بكثير.

الشخص الذي يدخل هذه الساحة يتقبل مسؤولية هي في الحقيقة مسؤولية إلهية عميقة. إنها مسؤولية بالمعنى الحقيقي للكلمة. " لتسئلن يومئذ عن النعيم". سوف يسألونكم. إنكم مسؤولون. هذا هو لباب ما نريد أن نقوله للإخوة و الأخوات الأعزاء، و نسأل الله إن يوفقكم.

توصيات بشأن وظيفتي التشريع والإشراف
أ ــ قدرة القوانين على التكيف مع الظروف المختلفة
ما يلوح لي أنه مهم جداً هو أن يخصص الأعزاء الكثير من الوقت للتشريع و الإشراف و هما الواجبان الأساسيان للمجلس. القانون يجب أن يكون جامعاً كاملاً دائمياً نابعاً من التجارب و الخبرات و حلالاً للمشاكل و معنياً بمشكلات حياة الناس. لا نقول إن القوانين التي تعالج المشكلات على الأمد القصير ليست ضرورية. بلى؛ هناك قوانين تحل عقداً على المدى القصير، و لا مفر من ذلك.. يجب تشريع مثل هذه القوانين - و لدينا مثل هذه القوانين - بيد أن السمة الغالبة و الطبيعية للقوانين هي أن تكون دائمية ممكنة التكيّف مع الظروف المختلفة، و مفيدة، و صريحة، و واضحة، و غير قابلة للتأويل، وضمن إطار الحدود و الصلاحيات التي رسمها الدستور لمجلس الشورى الإسلامي. إذا كان ثمة نقاش حول هذه الصلاحيات و الحدود فهو نقاش يجب أن يدور خارج فضاء المجلس وفي مناخ ما بين السلطات. كانت هناك حالات طرأت و شاهدناها رأى فيها المجلس أن هذه من ضمن حقوقه، و لم ترها السلطة التنفيذية من حقوق المجلس. حسناً، لهذا الأمر طريقة حل. لدينا دستور، و الدستور نفسه عيّن الجهة التي تفسر الدستور. و لدينا خبراء ومختصون حقوقيون يجب أن يجتمعوا و يعالجوا هذه الأمور. يجب إصدار القوانين و بقاؤها ضمن هذا الإطار، و هذه من النقاط المهمة في القانون، أي أن لا يتغير القانون كل يوم بمقتضى الطوارئ المختلفة. بمعنى أن على المشرع ملاحظة الظروف العامة للجماهير. شخص يريد المبادرة لفعل معين، و شخص يريد الاستثمار، و آخر يروم فعل شيء معين، و آخر يريد أن يختار لنفسه مجالاً مهنياً معيناً؛ لا بد أن يطمئن هؤلاء إلى أن هذا القانون ليس قانوناً يوضع اليوم و يتغير غداً بحوافز و دوافع أخرى.

ب ــ الحذر من خضوع القوانين لنفوذ و تأثيرات الأفراد
وينبغي أن يتحرر القانون من نفوذ هذا و ذاك. سمعنا عن المجالس التشريعية في العالم - و ربما كانت هناك حالات مماثلة عندنا، لا يمكن أن ننكرها بالمطلق - أنها سنّت أحياناً قانوناً على وجه السرعة لتأمين مصالح شخص معين أو جماعة من الأشخاص، و بعد أن حصل الغرض نسخ ذلك القانون عقب مدة قصيرة أي بعد بضعة أشهر. كان لدينا مثل هذه الحالات.

ينبغي الحذر من خضوع القوانين لنفوذ و تأثيرات الأفراد. و لهذا السبب قيل إن من الأفضل أن لا يقبل النواب المحترمون في إعلامهم و في جهودهم و أنشطتهم الانتخابية مساعدات مالية من بعض المراكز الطامعة. إذ أن المساعدات الناجمة عن الطمع تستتبع مثل هذه المشكلات على كل حال. على النائب في المجلس أن يهتم كثيراً للاستقلال الذي منحه له الدستور، و منحه له الله، و لقدرته على الاختيار و اتخاذ القرارات.. هذا شيء مهم و كبير، ولا يمكن المساومة عليه بأشياء صغيرة.

ج ــ الحذر من تحول عملية "الإشراف" إلى ذريعة للنزاع
بخصوص الإشراف ذكرنا أن الإشراف الذي يمارسه المجلس ضروري جداً. إما بهذه الأدوات الإشرافية كديوان المحاسبات و ما شاكل، أو الإشراف الذي يمارسه النواب مباشرة عن طريق الأسئلة و إلفات النظر و غيرها من أدوات الإشراف المتوفرة لدى مجلس الشورى الإسلامي. هذا شيء جد ضروري و مهم. لكن يجب أن لا تتحول هذه العملية إلى ذريعة للصراع بين جهتين أو تيارين. وأعلموا - و أنتم طبعاً تعلمون و لا حاجة للقول - أن الكثير يركزون همّهم على إشعال النـزاعات و الخلافات و المعارك بين سلطات البلاد و تيارات اتخاذ القرار. هذا الشرخ و الهوة في النسيج المتلاحم لقيادة البلاد العامة - و أعني بها السلطات الثلاث التي تقود شؤون البلاد و تحكمها - من الطموحات الكبرى التي يخطط لها أعداء الجمهورية الإسلامية ويتابعونها منذ سنوات لتوجيه ضربة للجمهورية الإسلامية و دحرها. أحياناً يقولون ذلك علناً، كما حصل يوماً - و لعلكم تتذكرون - أن طرحوا قضية السيادة المزدوجة. الآخرون قالوا ذلك، و البعض هنا كرروا قولهم كالببغاء. أساس القضية كان نابعاً من العناصر خارج البلاد، و البعض كرروا كلامهم في الداخل عن غفلة، و الحق أنه يجب القول إن السبب الأول لذلك كان الغفلة. و أحياناً لا يتكلمون و لا يقولون صراحةً كما هم الآن حيث لا يصرحون بهذا المعنى لكنه هدفهم على كل حال. إننا نلاحظ آثار ذلك بوضوح في التقارير الخارجية الخاصة بالأجهزة الأمنية و الاستخبارية، على مستوى الأعمال التي تجري في بعض أوساط النخبة السياسية في العالم. إذن، يجب أن لا تسمحوا بنشوب الخلافات.

• ضرورة التقريب بين الآراء المتباينة بين المجلس والحكومة
و من الأمور التي تدعوني حقاً إلى تقديم الشكر للإخوة في المجلس السابع، لا سيما الدكتور السيد حداد عادل - ما يظهر إلى الخارج قد يكون بصورة مختلفة أحياناً، لكننا كنّا في الصميم من الشؤون و نسمع الكلام من هذا و ذاك و نرى الجهود المبذولة - هو أن جهوداً كبيرةً حقاً بذلت في المجلس السابع كي يتفادوا الخلاف بين المجلس والحكومة. بذلت جهود حقيقية في هذا السياق.

بعض وسائل الإعلام و الصحافة و المنابر السياسية تجانب الإنصاف، لكن هذه هي حقيقة القضية التي كنا نراها و نعيشها. طبعاً بذلت جهود حقيقية من الجانبين - من جانب المجلس و من جانب الحكومة - من أجل التعاون. والبعض لا يريدون هذا. ينبغي عليكم الاهتمام بهذه النقطة كثيراً أي بالتعاون مع الحكومة كمبدأ. الحكومة لكم. الشيء الذي تريدون القيام به تشمّر الحكومة و السلطة التنفيذية عن سواعدها لتنفيذه. و الحكومة للإنصاف حكومة دؤوبة و مثابرة. قلما شهدتُ عهداً من عهود ما بعد الثورة تتراكم فيه الجهود والأعمال هكذا، و بنوايا حسنة. طبعاً قد تكون هناك آراء متباينة حول شتى الموضوعات.. حول الموضوعات السياسية، و الموضوعات الاقتصادية. ويجب قدر الإمكان التقريب بين هذه الآراء المتباينة بعيداً عن الضجيج والغوغاء و الدعاية.

يمكن إقامة ندوات قصيرة و مضغوطة من يومين أو يوم واحد، بين المسؤولين الكبار في المجلس و الحكومة و تشخيص نقاط الاشتراك، و يمكن أن يعمل كلٌ على شاكلته في نقاط الاختلاف.. لا بأس في ذلك.

ذكرنا أن هذه التيارات المختلفة الهادرة حينما تصل بحيرة الذكر الإلهي و أداء التكليف الهادئة الآمنة فسوف يزول هديرها و صخبها و تنسجم مع بعضها.

د ـ ضرورة عدم الإنقطاع عن الجماهير وتفقد أحوالهم
نقطة أخرى أرى من الضروري أن أذكرها للإخوة - و قد شددت عليها في النداء الذي وجهته للأعزاء - هو أن يحاول السادة و السيدات النواب أن يبقوا شعبيين جماهيريين. و ليست الحالة الشعبية مجرد أن يذهب المرء مرةً في كل فترة إلى مكان الانتخابات. تلك طبعاً ضرورية جداً، إذ ينبغي الذهاب والتفقد و اللقاء بالجماهير و عدم الانقطاع عنهم. لا شك في هذا. لكن هذا ليس كل شيء. نحن في الجمهورية الإسلامية يجب أن لا نساعد على إيجاد طبقة جديدة ارستقراطية. يجب أن لا نسمح بهذا الشيء. و هذا لا يحصل بإصدار الدساتير و الأحكام و القرارات. إنما يحصل بالقلوب و الإيمان والحوافز.

هـ ــ الحذر من فتنة المال
أحياناً يدخل الإنسان ساحةً و هو طاهر لكنه قد لا يخرج من هناك طاهراً لا سمح الله. الحوافز المادية جذابة و خطيرة. المال شيء خطير يا أعزائي. لاحظوا أن الإمام السجاد ( سلام الله عليه ) في دعاء أهل الثغور من الصحيفة السجادية حيث يدعو للجنود و حراس الحدود و المجاهدين في جبهات القتال، يقول ضمن دعائه: "اللهم أنسِهم المالَ الفتون". الفتون بمعنى الشيء الذي يتسبب في الفتنة. و هو تعبير استخدم في هذا الدعاء للمال فقط " المال الفتون". المال فتّان. الفتنة لا تعني دوماً الفتنة في المجال الاجتماعي. فالأسوء منها الفتنة في قلب الإنسان. إذا فتحتم للقلب طريق حب المال و حياة التشريفات و الجاه و الجلال و ما إلى ذلك فلن يقف عند حد معين.
 

2017-03-09