يتم التحميل...

كلمة سماحة السيد حسن نصر الله بذكرى المولد النبوي الشريف 30-10-2020

2020

كلمة سماحة السيد حسن نصر الله بذكرى المولد النبوي الشريف 30-10-2020

عدد الزوار: 43



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، ‏وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الانبياء والمرسلين.‏

السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.‏

‏ قال الله تعالى في كتابه المجيد، بسم الله الرحمن الرحيم " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ ‏بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً" صدق الله العلي العظيم.‏

أتوجه في البداية بهذه المناسبة العظيمة بالتبريك إلى جميع المسلمين في العالم، وإلى جميع اللبنانيين كشعبٍ لبنانيٍ واحد، ‏شريكٍ في المناسبات والأفراح والأتراح.‏

أبارك للمسلمين وللجميع ولادة الرسول الأعظم سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وكذلك ذكرى ‏ولادة حفيده الجليل والعظيم الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام).‏

أود في البداية أن أتحدث عن المناسبة قليلاً وأدخل منها إلى بعض الملفات والموضوعات ذات الإهتمام في المرحلة ‏الحالية.‏

وُلد سيدنا محمد بن عبدالله(صلى الله عليه وآله وسلم) قبل ألف وأربعمائة وخمسة وتسعين سنة تقريباً، فيما يُعرف بعام ‏الفيل، في شهر ربيع الأول، هذا الشهر، الآن في 12 ربيع الأول أو في 17 ربيع الأول على إختلاف الأقوال.‏

هذه الولادة المُباركة كانت المقدمة الطبيعية لولادة وإعلان الرسالة الإلهية الخاتمة، والتي لا نسخ بعدها ولا تَعديل ولا ‏تبديل، " فَحلالُ محمدٍ حلالٌ إلى يوم القيامة، وحرامُ محمدٍ حرامٌ إلى يوم القيامة"، وكانت المقدمة الطبيعية لولادة جديدة ‏لحياةٍ إنسانيةٍ حقيقية، لأجيالٍ ستخرج من الظلمات إلى النور، من خلال هذا المولود الجديد، وأيضاً لولادة أمةٍ باقيةٍ خالدةٍ ‏إلى يوم القيامة.‏

كُلنا يَعرف بِأن للأنبياء والرُسل مُعجزاتهم وإنجازاتهم، خصوصاً عندما نَتحدث عن الأنبياء العظام، كإبراهيم وموسى ‏وعيسى (عليهم السلام)، كانت لهم مُعجزاتهم التي شَهدتها عُصورهم والأجيال التي عاصرتهم، شَهدتها بأُم العين، ثُم نُقلت ‏إلينا، حفظتها الكتب المقدسة، وخصوصاً القرآن الكريم، وكتب التاريخ والروايات التي وصلت إلى جميع الناس مسلمين ‏ومسيحيين ويهود، وعلى إختلاف أديانهم.‏

كان لرسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) معجزاتٌ متنوعةٌ أيضاً، شاهدها الناس في زمنه، وانقضت في زمانه، ‏وإنما نقلتها إلينا الروايات وكتب التاريخ، ولم نَشهدها نحن بأعيننا، كما هو حال معجزات الأنبياء السابقين، ولكن لرسول ‏الله محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) معجزةٌ خالدةٌ مستمرةٌ حيّةٌ باقيةٌ إلى يوم القيامة، تَشهدها كل الأجيال في كل الأزمنة ‏وفي كل الأمكنة، هذه المعجزة هي كتابه المقدس الذي أنزل الله على قلبه القرآن الكريم، هذا الكتاب العظيم الذي بعض ‏وُجوه المعجزة، الذي ما زال محفوظاً بكلماته وآياته وسوره دون أي تحريفٍ أو تزويرٍ أو تعديلٍ منذ أكثر من ألف ‏وأربعمائة وخمسين سنة، يعني كتاب ديني آياته وكلماته وسوره ومضامينه في الشكل والمضمون، يَبقى مَحفوظاً دون أن ‏يُمس بأي تزوير أو تحريف، ألف وأربعمائة وخمسين سنة حتى الآن، وبالرغم من وجود الدواعي والعوامل والدوافع ‏لتزويره وتحريفه وتغييره وتبديله، سواءً من داخل المسلمين أو من خارج المسلمين، من داخل الدائرة الإسلامية أو من ‏خارج الدائرة الإسلامية.‏

إن بقاء هذا الكتاب المقدس محفوظاً بهذا الشكل الدقيق والعجيب هو بحد ذاته معجزة، وهو تحقيقٌ ومصداقٌ للوعد الإلهي ‏‏" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"، لا يٌمكن أن يُحفظ كتابٌ دينيٌ مهمٌ في حياة ملايين ومئات الملايين، والآن ما ‏يُقارب ملياري إنسان، أن يُحفظ بهذا الشكل دون أن يُمس، كما قُلت بالرغم من وجود كل الدواعي، الدواعي العقائدية ‏والدواعي المذهبية والدواعي السياسية لتحريف أو تزوير أو تعديل في هذا الكتاب، وهذا دليل على الصيانة الإلهية والحفظ ‏الإلهي لكتاب هذا النبي، وهذا القرآن أيضاً هو الذي ما زال يَتحدى البشرية منذ ألف وأربعمائة وخمسين سنة وإلى اليوم، ‏وسوف يبقى هذا التحدي قائماً إلى قِيام الساعة، أن يأتوا بمثله ولو إجتمعوا جميعاً، أن يأتوا بعشر سورٍ من مثله، أن يأتوا ‏بسورةٍ واحدةٍ من مثله، وهذا القرآن الذي ما زال يَنبض بالحياة ويَبعث الحياة ويُخرج الناس من الظلمات إلى النور، هذه ‏معجزته الخالدة، أيضاً للأنبياء والرسل إنجازاتهم، وأعظم إنجازٍ لصاحب الذكرى نبينا وسيدنا رسول الله محمد (صلى الله ‏عليه وآله وسلم) هو، وهو بحد هذا الإنجاز الإنساني الذي تَحقق على يديه، وهو بحد ذاته أيضاً أقرب ما يكون إلى ‏المعجزة، هذا التحول العميق والهائل الذي تَحقق في مجتمع شبه الجزيرة العربية على يديه وبِفضل دعوته وجهوده ‏وجهاده، لو نَظرنا إلى ذلك المجتمع، لو عُدنا إلى التاريخ، هذه شبه الجزيرة العربية لدينا مكة ولدينا يثرب لم يَكن اسمها ‏بعد المدينة، لدينا مدينة الطائف ولدينا مجموعة كبيرة من البلدات، ولدينا قبائل وعشائر، وصولاً إلى اليمن وما فيها من ‏مدن ومن حضارة ومن ملوك سابقين، كل هذه المنطقة التي نُسميها الآن شبه الجزيرة العربية، وهي كانت المساحة ‏الأساسية لحركة هذا النبي ودعوة هذا النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، لو نَظرنا إلى الناس في ذلك المجتمع، إلى أحوالهم ‏قبل ولادة النبي وقبل بعثة النبي، إلى أوضاعهم الدينبية، ماذا كانوا يعبدون؟ وبماذا كانوا يُؤمنون؟ إلى أحوالهم العملية ‏ومستوياتهم العلمية، القراءة والكتابة ومستوى المعرفة، إلى ثقافتهم وإلى قيمهم وإلى منظومة القيم الحاكمة في ذلك ‏المجتمع، إلى عاداتهم وإلى تقاليدهم وإلى أحوالهم الإجتماعية والمعيشية، مستويات الفقر والحرمان والطبقية، إلى ‏أوضاعهم الأمنية والحروب وصراعات القبائل والعشائر والزعامات، إلى تشتتهم وتمزقهم، إلى كل جوانب حياتهم ‏المتنوعة والمختلفة، يعني رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأتِ لِيعالج جانباً من جوانب حياة هؤلاء الناس، وإنما ‏لِيعالج كل و الجوانب، وفي مقدمها البعد العقائدي والإيماني والمعرفي والثقافي والأخلاقي والسلوكي، ثم لو دَرسنا بعد ‏ذلك، بعد بعثة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وسيرته ودعوته وجهوده وجهاده، أين أصبح سكان وأهل شبه الجزيرة ‏العربية؟ ما هي التحولات الخطيرة والعميقة والمهمة جداً التي تَحققت هنا، وخصوصاً في الجانب الإنساني؟ في إيمانهم ‏وفي عقيدتهم، والذي نَقلهم من عبادة الأصنام إلى عبادة الإله الواحد، في علومهم وفي ثقافتهم وفي منظومة القيم، وفي ‏النظرة إلى الإنسان وإلى المرأة وإلى الإنسان الآخر وإلى أتباع الديانات الأخرى، وفي قيم وموازين التفاضل بين الناس، ‏وفي العادات وفي التقاليد وفي الإنضباط وفي السلوك، وفي الأخلاق وفي القيم الأخلاقية، هذا التحول الإنساني الهائل الذي ‏حصل في شبه الجزيرة العربية، وشكّل القاعدة الرئيسية لإنطلاقة هذه الأمة ووصول صوتها ورسالتها إلى كل العالم، ‏لِتكون قاعدة التغيير العالمي، هذا أنجزه رسول الله محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) صاحب الذكرى، والجانب الأهم جداً ‏والملفت جداً هو أن هذا الإنجاز تَحقق خلال ثلاثة وعشرين سنة فقط، نحن نعرف في حياة الشعوب وفي أعمار الشعوب ‏عشر سنوات وعشرين سنة وثلاثين سنة وأربعين سنة من الصعب أن تُحدث تغيرات أوتغييرات هائلة، خصوصاً على ‏المستوى العقائدي والثقافي والسلوكي والقيمي وما شاكل..، ولكن هذا صَنعه وأوجده رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، ‏وأَسس كما قُلنا لهذه القاعدة الإيمانية الإنسانية إلى قيام الساعة.‏

هذا النبي العظيم أحببت أن أعرض هذه المقدمة كي أدخل منها إلى الموضوعات التي أُريد أن أتكلم فيها، هذا النبي العظيم ‏يَحمل له جميع المسلمين طوال التاريخ وإلى يومنا وإلى يوم قيام الساعة، سوف يظلوا هكذا، يَحمل له جميع المسلمين من ‏الحب والعشق والتقدير والإحترام والتقديس ما لا يَملكونه أو يَحملونه لِبشريٍ آخر، مع محبتهم وتقديرهم وتقديسهم لكل ‏الأنبياء والرسل والأولياء والأئمة والصالحين والأخيار طوال التاريخ.‏

للمسلمين جميعاً نظرة مميزة، إيمان خاص وحب خاص، لهذا الرجل ولهذا الإنسان ولهذه الشخصية، قد يَختلف المسلمون ‏فيما بينهم طوال التاريخ، هذا حصل في قضايا مختلفة، قضايا فكرية ذات أحياناً طابع عقائدي أو تفاصيل وفروع عقائدية، ‏في الأحكام الشرعية، في قضايا الحلال والحرام، في تقييم أحداث التاريخ الإسلامي، وفي تقييم الأشخاص، الآن في الواقع ‏المعاصر قد يَختلفون حول قضايا إجتماعية سياسية كبيرة ومهمة وصراعات وحروب والخ...، ولكن هناك نقاط ومسائل ‏إجماعية، لم يَخرج عنها المسلمون طوال التاريخ، ولا يمكن أن يخرجوا عنها إلى قيام الساعة، من أهم هذه النقاط ‏الإجماعية عند المسلمين هي إيمانهم بمحمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله وسلم)، برسالته وبنبوته، بعظمته ومكانته ‏ومقامه، وهم يَنظرون إليه أنه خاتم النبيين، فلا نبي بعده، وأنه سيد المرسلين، وأنه أفضل الخلق، وسيد الكائنات، والإنسان ‏الأكمل والإنسان الأعظم، وأقرب المخلوقات إلى الله سبحانه وتعالى، وأحبهم إليه وأعزهم عنده، هذه نظرة المسلمين إلى ‏هذا الرسول وإلى هذا النبي.‏

مع هذا الإيمان، يُخالط حُبه دماؤهم ولحمهم وكيانهم وأجسادهم وأرواحهم وعقولهم وقلوبهم، لأن هذا الإيمان ليس فقط ‏إيماناً معرفياً أو إيماناً فلسفياً أو إيماناً ثقافياً أو فكرياً، كلا، يوجد نوع من العلاقة العاطفية والروحية والنفسية المميزة، ‏طبعاً كان مطلوباً ويظل مطلوباً مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهم يُعظمونه في الدنيا ويَرون عظمته ومكانته ‏المميزة في الآخرة.‏

هنا سنبني على نقطة لندخل الى موضوعاتنا، ولذلك لا يمكن للمسلمين ان يتحملوا اي اساءة او اهانة تتوجه الى هذا ‏الرسول العظيم، ويعتبرون ان الدفاع عن كرامة نبيّهم في اعلى الاولويات التي تتقدم عندهم ‏على كل المصالح والحسابات ‏الاخرى، سياسية واقتصادية وحياتية واي شيء، هذا الامر يعتبرونه في ‏رأس الاولويات، لا يتحملونه ولا يتسامحون فيه ‏ولا يسعهم السكوت عنه وبالتالي يتعاطون او يتصرفون ‏مع اي سلوك او ممارسة فيها اهانة او هتك او اساءة لرسول الله ‏الاعظم صلى الله عليه واله وسلم بطريقة ‏مختلفة.‏

من هنا ادخل الى الملف الاول في حديث الليلة وهي المشكلة القائمة الان وهي ليست مشكلة تخص بلد او ‏مسلمين في بلد ‏وانما هي تخص اليوم كل المسلمين في العالم، المشكلة القائمة الان بين السلطات الفرنسية ‏من اعلى الهرم مع الاسلام ‏والمسلمين واود ان اتحدث بشكل هادئ وموضوعي وعلمي لنفكك هذه المسألة ‏ونبحث لها عن حلول، اي على قاعدة ان ‏نصل الى حل وليس على قاعدة تكريس عداوات او البحث عن ‏عداوات جديدة.‏
اولا نبدأ من الحادثة الاخيرة حتى لا يختلط الباطل بالحق والحق بالباطل و يضيع الحق، نبدأ من حادثة ‏مدينة نيس ‏الفرنسية، والتي قام فيها رجل مسلم بقتل 3 اشخاص وجرح اخرين، هذه الحادثة – سنبدأ من ‏الاخر ونعود للبداية – ندينها ‏بشدة وادانها المسلمون من مواقعهم المختلفة العلمائية والدينية والسياسية ‏والعالم الاسلامي وجالياتهم في فرنسا واوروبا ‏وفي كل مكان، وهذه الحادثة ايضا يرفضها الاسلام ولا يجوز ‏ان يحسبها احد على الاسلام، يرفضها الاسلام والدين ‏الاسلامي الذي يحرّم قتل الابرياء او الاعتداء عليهم ‏او ايذائهم حتى لمجرد الاختلاف في الانتماء العقائدي، وكل حادثة ‏مشابهة سبقت او تأتي، دائماً بالنسبة ‏الينا كمسلمين وبالدرجة الاولى من موقع الاسلام هي مرفوضة ومدانة، في اي مكان ‏وقعت هذه الحادثة ‏واياً كان المستهدف في فرنسا او اي مكان في العالم، هذه النقطة فلنثبّتها كأساس حتى يكون هناك ‏وضوح ‏لاحقاً، ثانياً في سياق هذه القضية وفي هذا المف، لا يجوز للسلطات الفرنسية او غيرها ان تحمل مسؤولية ‏جريمة ‏ارتكبها شخص محدد ان يحمّلوها لدين هذا الشخص، او لأتباع الدين الذي ينتمي اليه هذا الشخص، ‏بتعبير اوضح اذا كان ‏مرتكب الجريمة مسلماً فلا يجوز لأحد ان يحمّل الاسلام مسؤولية هذه الجريمة ولا ‏يجوز لأحد أن يحمل المسلمين لا في ‏فرنسا ولا في كل العالم مسؤولية هذه الجريمة، وهذا في الأصل ‏تصوّر غير صحيح وغير واقعي وغير قانوني وغير ‏اخلاقي، عندما يرتكب انسان ما جريمة يجب ان ‏يُحمَّل هو مسؤولية هذه الجريمة اياً تكن دوافعه حتى ولو كانت دوافعه ‏باعتقاده هو دينية، وهذا حصل في ‏فرنسا وفي اوروبا ويحصل في اماكن اخرى في العالم، - الان سنضطر ان نتكلم مسلم ‏ومسيحي لن نقترب ‏من اليهود – انه لو قام رجل مسيحي بارتكاب جريمة من هذا النوع وهذا حصل في فرنسا واغلب ‏الجرائم ‏التي تُرتكب في فرنسا لا يقوم بها مسلمون وكذلك في اروروبا، عادةً لا يُسلّط الاعلام الضوء عليها لكن ‏من يتابع ‏يعلم بالاحصاءات والارقام، هل يصحّ ان يخرج احد ويقول الذي يحمل مسؤولية هذه الجريمة هو ‏السيد المسيح عليه السلام ‏والعياذ بالله؟ او الدين المسيحي؟ او يحمل المسؤولية المسيحيون في العالم؟ او ‏المسيحيون في البلد الذي ارتُكبت فيه ‏الجريمة؟ لا احد يقبل هذا التصرف، لكن للاسف الشديد السلطات ‏الفرنسية تتصرف هكذا. عندما يتحدث الرئيس ماكرون ‏وبقية المسؤوليين الفرنسيين عن "الارهاب ‏الاسلامي"، الان احدهم ترجم "الارهاب الاسلاموي" - قلّة فرق – او "الفاشية ‏الاسلامية"، ليس هناك ما ‏يسمى الارهاب الاسلامي او الفاشية الاسلامية، اذا ما كان هناك أحد يقوم بالارهاب هو إرهابي، ‏واذا كان ‏يرتكب جريمة فهو مجرم، اما ان نأتي ونقول ارهاب اسلامي و فاشية اسلامية، حسناً اليوم الولايات ‏المتحدة ‏الامريكية ترتكب مجازر في كل انحاء العالم منذ الـ 2000 وما بعدها، من بعد 11 ايلول ‏الحروب التي قاموا فيها ‏بأفغانستان والعراق وفي المنطقة، دعونا من الحرب العالمية الاولى والثانية ‏وهيروشيما وما شاكل، فقط نتكلم عن الاجيال ‏الحاضرة والتي عايشت، ملايين من الناس قُتلوا والامريكان ‏يعترفون بقتل مئات الالاف في هذه الحروب، ان كان بعنوان ‏الخطأ كالاعراس التي كانت تُقصف في ‏افغانستان واحياناً بالعمد، حسناً هل يخرج احد ويقول لأن الولايات المتحدة ‏الامريكية رئيسها مسيحي ‏وحكومتها ينتمون الى المسيحيين وجيشها بالأعم الاغلب مسيحي فنقول هذا الارهاب الامريكي ‏ارهاب ‏مسيحي؟؟ او الذي يتحمل مسؤولية هذا الارهاب والعياذ بالله السيد المسيح او الدين المسيحي الذي تتناقض ‏قيمه ‏وتعاليمه مع هذه الاعمال الارهابية؟ او ما قامت به الجيوش الاوروبية ومنها الجيش الفرنسي التي ‏جاءت الى الجزائر وما ‏فعلته في الجزائر وما فعله الاخرون في ليبيا وفي اماكن اخرى وفي منطقتنا، لم ‏يخرج احد من المسلمين ليقول "الإرهاب ‏المسيحي"، وان الدين المسيحي هو الذي يتحمل هذه المسؤولية، ‏على الاطلاق، واذا احد قال هكذا هو مخطئ، هذه الظاهرة ‏غير موجودة بالحد الادنى. اذاً لا يجوز على ‏الاطلاق عندما يرتكب مسلم او مسيحي او يهودي او اي انسان ينتمي الى اي ‏فكر او دين ان نحمّل الدين ‏او نبي هذا الدين او الامّة التي تؤمن بهذا الدين مسؤولية الجريمة ونعمّم التسمية، هذا خطأ ‏وهذا يجب ان ‏يتوقّف، الفرنسيون والمسؤولون الفرنسيون يفعلون ذلك كل يوم، الان هناك من يتدارك ويقول لا، ‏نحن ‏نحترم الاسلام كديانة، اذا كنت تحترم الاسلام كديانة عليك ان تغير مصطلح الارهاب الاسلامي والفاشية ‏الاسلامية ‏وليس عليك ان تتبع ترامب الذي يستخدم هذا النوع من المصطلحات.‏

ثالثاً، سمعنا في الايام القليلة الماضية انكم تعترضون بأن احد في فرنسا اساء لنبيّكم، الأهم هو بعض ‏المسلمين الذين ‏يسيئون لنبيكم ولإسلامكم، اودّ ان اقول هنا انّ بعض المسلمين بالتأكيد يسيئون للإسلام ‏وانّ بعض المسلمين يسيئون لنبيّ ‏الاسلام صلى الله عليه واله وسلم وان بعضهم يرتكبون اساءات خطيرة ‏جدا جدا جدا، وان ما شهدناه في السنوات القليلة ‏الماضية من اعمال ارهابية وجرائم وهدم للمساجد ‏وللكنائس وللاثار التاريخية والقتل للناس وقطع للرؤوس وشق الصدور ‏والذبح لانواع مختلفة من الناس ‏بحسب انتماءاتها كالنعاج وقامت وسائل الاعلام الاجنبية ايضا بترويجها وتصويرها في ‏العالم، هذه ‏اساءات كبيرة لديننا ونبينا ونحن كنا نهاجم هذا ونعترض على هذا بشدة ولكن لنفترض وهذا صحيح ‏وليس ‏فرضية، اذا كان بعض المسلمين يسيء لنبينا هذا لا يبرر لكم ان تسيئوا لنبيّنا، اذا كان بعضكم ‏يسيء لمقدساتكم هل يسمح ‏لنا ان نسيء لمقدساتكم؟ هذا ليس منطق على الاطلاق، الانبياء، الرسل، ‏الديانات، الرموز الدينية، مقدسات الامم يجب ان ‏تُحترم، حتى ولو خرج من داخل الاتباع او الامة او ‏الجماعة من لا يقوم بهذا الاحترام ويتجاوز هذا الاحترام.‏

رابعاً، هنا اكمل خطابي للمسؤولين الفرنسيين وايضاً تكوين الرأي العام، بدل ان تحمّلوا الاسلام والامة ‏الاسلامية مسؤولية ‏هذه الاعمال الارهابية التي تحصل في فرنسا واوروبا واماكن اخرى، تعالوا لنبحث ‏سوياً عن مسؤوليتكم انتم عن هذه ‏الأعمال وعن هذه الجماعات، نعود قليلاً الى 10 سنوات من 2011 وما ‏بعد – لن نقول قبل 50 سنة – هناك فكر تكفيري ‏ارهابي يتبنى القتل لمجرد الاختلاف العقائدي بل ‏الاختلاف الفكري بل الاختلاف المذهبي بل الاختلاف السياسي بل ‏الاختلاف في اي تفصيل من التفاصيل ‏ويرتكب جرائم وحشية، هذا الفكر انتم قمتم بحمايته، الامريكيون، الادارة ‏الامريكية، الحكومات الفرنسية، ‏الحكومات الاوروبية، قمتم بحمايته، قدمتم له كل التسهيلات في العالم، اصحاب الفكر ‏الاخر اذا اراد ‏تحصيل فيزا صعب، اذا اراد ممارسة نشاط في بلادكم صعب، ولكن اصحاب هذا الفكر كانت كل ‏الابواب ‏مفتوحة لهم وتقدم لهم الحماية، هذه الجماعات التي تشكلت والتي تحمل هذا الفكر انتم سهّلتم مجيئها الى ‏سوريا ‏والى العراق، انتم ساعدتم على دعمها وتسليحها وتمويلها، حتى اصبح لهؤلاء تجربة وخبرة وروح ‏قتالية الى اخره، والا ‏اريد ان اسألكم الان انتم تُفاجئون ان هناك عملية ذبح او عملية قطع رأس؟ هذا اين ‏بدأ، هذا بدأ في مناطقنا في بلادنا، من ‏فعل ذلك؟ الذين دعمتموهم انتم، دعم سياسي واعلامي ومالي ‏وتبليغي وحماية دولية ومؤتمرات دولية وفتحتم لهم الحدود ‏واعطيتموهم جوازات سفر وسهلتم مجيئهم الى ‏المنطقة، ابحثوا اولا عن مسؤوليتكم، كم تتحملوا انتم مسؤولية في هذا ‏الموضوع، انا ادعوكم ان تعودوا ‏الى ارشيف 2011- 2012 سواءً كنت انا اتكلم هذا الكلام او كثيرون غيري قالوا لكم ‏هذا الكلام خصوصا ‏للاوروبيين، لا تكونوا جزءاً من هذه الحرب الكونية على سوريا والعراق وعلى المنطقة، الان لبنان ‏لم ‏يستطيعوا ان يتوغّلوا فيه، لا تتبنّوا هؤلاء، لا تدافعوا عن هؤلاء، لا تسهلوا مجيء هؤلاء وتقويتهم، لأن ‏هذه المعركة ‏ستخسرونها وهؤلاء سيرتدون عليكم، هذا الفكر سيرتد عليكم، هذه الجماعات وهؤلاء ‏الاشخاص سيعودون الى بلادكم، ‏وسيملأون بلادكم ارهابا وخرابا، وما نفذوه في سوريا والعراق ولبنان ‏وفي بلدان اخرى سيعودون وينفّذوه عندكم، ويومها ‏بالتحديد قلنا لكم، امريكا بعيدة كثيرا والاقرب لمنطقتنا ‏هي اوروبا والتهديد الاخطر هو للاوروبا وعليكم ان تُحاذروا، ولكن ‏اخذتكم العزة بالإثم ولم تقبلوا، ‏واعتبرتم انكم ستنتصرون بهذه الحرب ومعلوم بعدها اين ستصلوا، اليوم يجب ان تبحثوا ‏ايضا عن ‏مسؤوليتكم انتم، لا تحمّلوا المسؤولية لمن ليس له مسؤولية، ما علاقة رسول الاسلام محمد بن عبدالله ‏صلى الله ‏عليه واله وسلم بهذه الجرائم؟ ما علاقة دينه وإسلامه وقرآنه بهذه الجرائم؟ ما علاقة أمة الملياري ‏مسلم بهذه الجرائم؟ الذين ‏لهم علاقة هم أشخاص أنتم إحتضنتموهم وحميتموهم ‏وربيتموهم وسهلتم لهم وأتيتم بهم، وهذا ما يجب أن تعيدوا النظر ‏فيه، لأنكم ما زلتم ‏مستمرين بهذا النوع من السياسات وإلا أعيد وأقول بنفس الأدبيات التي تكلمنا فيها ‏سابقا عندما كنا ‏نختار موقفنا، نحن لا نستطيع أن نكون في جبهة فيها قاطعوا ‏رؤوس وشاقوا صدور وآكلوا أكباد وذباحون، هؤلاء كانوا ‏حلفاءكم وكانوا جماعتكم ‏وكانوا محميين منكم، ولذلك أنتم الفرنسيون والأوروبيون والأميركيون وأيضا ‏حلفاؤهم بالمنطقة ‏هم يجب أن يعيدوا النظر بسلوكهم وبأساليبهم، وبإستخدامهم لهذه ‏الجماعات الإرهابية التكفيرية، لإستخدامهم كأدوات في ‏المشاريع السياسية ومشاريع ‏الحروب، ولا تتعلمون، في أفغانستان فعلتم هذا ودفعتم ثمنه في 11 أيلول، ‏إرتكبتم وتعيدون ‏وتتركبون الأخطاء نفسها، إستخدام هذا النوع من الجماعات ‏كأدوات يجب أن يتوقف وإلا أنتم أيضا ستشاركون في دفع ‏أثمان هذه ‏الاخطاء.‏

ثانيا، السلطات الفرنسية أقحمت نفسها ومعها فرنسا وتريد أيضا أن تقحم كل ‏أورويا والإتحاد الاوروبي في معركة مع ‏الإسلام ومع المسلمين لأسباب واهية ‏وأحيانا غير مفهومة، أنا سأتكلم من موقع الحرص، وأنا لست هنا لأسجل ‏نقاط، ‏المشكلة الأخيرة، ما هو أساسها؟ يعني هذه التطورات التي حصلت في الاسابيع ‏الماضية وظهر في الإعلام بشكل ‏واضح انه فرنسا من الرئيس الى الحكومة الى ‏الوزراء الى البرلمان ومن ثم وسائل الاعلام إلى الشارع نعم، الحرب ‏مفتوحة ‏وواضحة جدا، حسنا ما السبب؟ ما الذي بدأ هذه المشكلة؟ من الذي إعتدى على ‏الأخر؟ من الذي أساء للآخر؟ هذه ‏المسألة بدأت عندما أقدمت تلك المجلة الفرنسية ‏المشؤومة والخبيثة بنشر رسوم مسيئة لنبي الإسلام صلى الله عليه وآله ‏وسلم، وقام ‏المسلمون ليعترضوا في أكثر من مكان من العالم، ثم تطور هذا الأمر إلى مجموعة ‏أحداث ومنها حادثة أستاذ ‏التاريخ الذي قُتل وقُطع رأسه، حسناً، بدل أن تبادر ‏السلطات الفرنسية لمعالجة هذا الأمر ولإستيعابه ويكون لها تقدير ‏موقف حقيقي ‏وصحيح أنه يا جماعة فلتنتظروا، لا تخلطوا الحق بالباطل، ولا تدخلوا الامور ‏ببعضها، هناك سبب رئيسي ‏أدى إلى هذه التداعيات، بدل أن تعالجوا التداعيات، ‏وأعود لها في آخر الكلام، فلتعالجوا أساس الموضوع، الذي حصل ‏للأسف أن ‏السلطات الفرنسية بدل أن تعالج الموضوع دخلت او أعلنت حربا من هذا النوع ‏وأخذها العناد أنه هذه حرية ‏التعبير ونحن نريد أن نستمر بحرية التعبير ‏وبالرسوم الساخرة، هذا من رأس الهرم، يعني ما هي الرسالة التي ‏تقدمونها ‏لملياري مسلم في العالم؟ وهنا نحن نتحدث في أي أمر، ليس في أمر سياسي أو ‏مالي أو إقتصادي أو صراع أو ‏معركة، نحن نتحدث عن أمر يتعلق بنبيهم ورسولهم ‏وسيدهم، الذي تكلمت عنه في بداية الكلمة ماذا يمثل لهم، حسنا، ما ‏هو الامر الذي ‏يستحق هذه التضحية منكم أيها السلطات الفرنسية؟ وأنه حسنا تأخذون الأمر ‏بصدركم وتغطون وتحمون ‏هذه المعركة وتتبنوها، ثم يقولون لك نحن لدينا قيم من ‏جملتها حرية التعبير، ولا نريد أن نتخلى عن هذه القيم، فلنناقش ‏قليلا هنا، لماذا ‏قلت أنا بالبداية نريد أن نتكلم بشكل هادىء وبشكل موضوعي، أول نقاش، تطبيقي ‏إجرائي، لو كان بالفعل ‏هذا هو الأمر وهكذا الأمور في فرنسا أو في أوروبا، كان ‏من الممكن أن يقول الفرد أنه يا أخي حسنا لنرى كيف يمكننا أن ‏نعالج الموضوع ‏من زاوية أخرى، لكن المسألة ليست كذلك يعني يجب أولا أن تقنعوا المسلمين في ‏العالم بأن هذا الإدعاء ‏بانه إدعاء صادق، هم لا يقبلون ذلك، هذا ليس إدعاء ‏صادقا، هذا ليس إدعاء صحيحا، نحن لدينا الكثير من الشواهد ‏والامثلة في فرنسا ‏وفي أوروبا على ممارسات رسمية تمنع حرية التعبير بل تقمع حرية التعبير ويوجد ‏أمور قد تكون أقل ‏حساسيّة من حساسيّة موضوع يرتبط بنبي يؤمن به ملياري ‏انسان في العالم، من أجل أن لا أستهلك كل الوقت، أضرب ‏مثلا واحدا معروفا لأنه ‏لا يحتاج إلى الكثير من الشرح، هو الفيلسوف الفرنسي روجي غارودي وهذا ‏موجود إذا إحتجتم ‏للرجوع إلى أرشيف التلفزيونات والوثائق والافلام والمقالات ‏موجود، كل ما فعله الرجل أنه كتب كتابا ودراسة حول ‏الأساطير المؤسسة للمحرقة ‏اليهودية، المحرقة المسماة بالهولوكوست، طرح الرجل نقاشا علميا وأرقاما وناقش ‏بالأرقام ‏وكتب دراسة علمية أكاديمية وتكلم عن الإستغلال السياسي لهذه الحاثة، ‏حسنا، والتي إلى الآن أوروبا وفي مقدمها ألمانيا ‏تُبتز من قبل الصهيونية العالمية ‏بسبب هذه المسالة، الرجل لم يشتم ولم يهين ولم يسخر ولم يرسم رسوم ساخرة ولا ‏حتى ‏إقترب من الديانة اليهودية وإنما عالج قضية مهمة وحساسة وحصلت في ‏أوروبا، حسنا، أنتم السلطات الفرنسية ماذا فعلتم ‏بهذا الفيلسوف الفرنسي؟ رفع ‏القضاء دعوة عليه، تمت محاكمته والتشهير به وتم حكم السجن عليه، وممكن لأنه ‏طاعن في ‏السن لم ينفذوا السجن، وقّمع الرجل، هذه حرية التعبير؟! هذه هي القيمة ‏التي تدافعون عنها؟ نعم قد يقال أنه عندما يمس ‏الأمر بطائفة معينة أو بإسرائيل أو ‏بالصهاينة فهنا تقف حرية التعبير، أما عندما يمس الامر بطائفة أخرى، بأمة ‏بكاملها ‏بملياري إنسان بمقدساتهم تبقى حرية التعبير مطلقة، لأنه في أمثال روجي ‏غارودي ولأنه يوجد أمثلة كثيرة يمكن للشخص ‏أن يعرضها في مناسبات مختلفة ‏تؤكد أنه لا، حرية التعبير في فرنسا وفي أوروبا ليست مطلقة، وإنما مقيدة ‏بالقيود ‏القانونية والسياسية والامنية وما شاكل، هذا الإدعاء بأنه حرية مطلقة وليفعل ما ‏يشاء من يشاء، ولتأتي صحيفة أو ‏رسام ويرسم رسوما ساخرة لنبي الإسلام، أو أن ‏يصور أحدهم فيلما يسخر من نبي الإسلام، هذا لا بأس به لأن الحرية ‏مطلقة، هذا ‏إدعاء غير صحيح، وبعد ذلك يمكننا أن نقيم محاضرة ونأتيكم بأمثلة كثيرة، ولذلك ‏هذا غير مقبول، يعني كل ‏معركتكم الان تستند على أساس غير موجود وواقعي هو ‏ليس هذا الواقع عندكم، ونأتي بلائحة كيف تتصرفون مع ‏التلفزيونات والصحف ‏والمجلات وإذاعات لأنها تتبنى مثلا أفكارا معينة أو بثت برامج معينة، هذا موجود ‏في الارشيف، ‏هذا أولا، الجانب الآخر والذي هو مهم أيضا، هو النقاش في نفس ‏أنه هل صحيح أنكم لديكم هذه القيمة حقيقة بهذا الشكل؟ ‏حتى إذا عدنا إنسانيا ‏وأخلاقيا هل يوجد شيء أسمه حرية تعبير بالمطلق؟ يعني ليس لها حدود تقف ‏عندها؟ حسنا، لماذا ‏حرية التعبير تقف عند معاداة السامية؟ حسنا حرية التعبير ‏حتى أن يشتم الشخص الآخرين ويهين الآخرين ويسيء ‏للآخرين ويفضح الآخرين ‏وينسب إليهم الأكاذيب مثلا والجرائم، هذا لا بأس به، لا مشكلة لديكم به في فرنسا ‏وأوروبا ؟ ‏هل هو حقيقة هكذا؟ وهل هذا صحيح حسنا، إذا خرج شخص تحت ‏عنوان حرية التعبير ونشر أسرار ومستندات تمس ‏بالأمن القومي كيف تتصرفون ‏معه؟ أميركا والغرب كيف تتصرف معه؟ إذا قام أحدهم قام أو قال أموراً أو أعلن ‏عن أمور ‏او كتب في مسائل قد تؤدي إلى فتن داخلية، إلى حرب أهلية، إلى إخلال ‏في الأمن القومي، كيف تتصرفون معه؟ حرية ‏التعبير لا تقف عند كرامات احد؟ ‏نحن نتمنى ونطالب بإعادة النظر لأن هذه ليست قيمة إنسانية، هذا خلاف ‏الإنسانية، هذه ‏ليست قيمة أخلاقية، هذا خلاف الأخلاق، وخلاف القيم الاخلاقية ‏وبالتالي يجب أن يُعاد النظر فيها، من هنا أنا أريد بختام ‏هذا العنوان وهذا الملف ، ‏أريد أن أوجه خطابا للسلطات الفرنسية وأقول لهم، اليوم في العالم الإسلامي لا ‏يفتش أي أحد ‏على عداوات جديدة ولا على معارك جديدة ولا أعتقد أن ملياري ‏مسلم يفكرون بهذه الطريقة، يعني بالعكس، المسلمون ‏يعملون ليخففوا عداوات في ‏هذا العالم ويبعدوا شبح الحروب عنهم ومواجهات هم دائما يدفعون أثمانها، أنتم يجب ‏أن ‏تفكروا بمعالجة هذه الخطيئة وهذا الخطأ الكبير الذي تم إرتكابه، سمعت ‏المسؤولين الفرنسيين يقولون نحن لا نخضع ‏للإرهاب، ليس المطلوب أن تخضع ‏للإرهاب، المطلوب أن تعالج الخطأ، ومعالجة الخطأ ليس خضوعا للإرهاب، ‏بالعكس ‏الإصرار على الخطأ والذهاب في مواجهات لا تخدم أحد هي خضوع ‏للإرهاب، هي إنجرار مع مطالب الإرهاب ‏والإرهابيين الذين يريدون أن يفجروا ‏كل الساحات في العالم، أنتم يجب أن تعودوا إلى الأساس وتعالجوا هذا الخطأ، ‏وهذا ‏ليس خضوعا للإرهاب، هذه الفكرة أولا أنتم تطبقونها بشكل خاطىء، فلتطبقوها ‏بشكل صحيح، كما تطبقونها على ‏غير المسلمين طبقوها على المسلمين، كونوا ‏منصفين وكونوا عادلين، الإساءة لكراماتنا ولكرامات أنبيائنا ولكرامة نبينا، ‏هذا ‏أمر لا يمكن أن يقبل به مسلم في العالم، وأنا أحب أن أقول لكم بوضوح، حتى لو ‏أن الأنظمة السياسية في العالمين ‏العربي والإسلامي يمكن أن تبيع وتشتري وتلاقي ‏حججا أمام شعوبها لتدخل في مؤامرات وتنازلات وخيانات ولكنها لا ‏تستطيع أمام ‏شعوبها أن تسكت أو تغطي مسا بنبي هذه الشعوب المقدس عندهم المعشوق عندهم ‏المحترم عندهم، لذلك هذه ‏المعركة التي تصرون على الذهاب بها والإستمرار فيها ‏هي معركة خاسرة بالنسبة إليكم، أين هي مصالح فرنسا وشعب ‏فرنسا، مصالحها ‏السياسية والإقتصادية وعلاقاتها مع شعوب العالم الإسلامي ومع العالم الإسلامي، ‏إذا أرادت أن تستمر ‏في هذا المسار، هذا الأمر يجب أن يعالج وأنتم تستطيعون أن ‏تجدوا له معالجة، يعني أختم بالقول هنا بدل أن تذهبوا ‏وتعالجوا التداعيات ‏وتستنفروا المزيد من العساكر والأجهزة الأمنية لمنع عمليات إرهابية من هذا النوع ‏إسحبوا الذرائع ‏وعالجوا أساس المشكلة، لا تسمحوا بإستمرار هذه ‏المسخرة وهذا العدوان وهذا الإنتهاك حينئذ العالم كله سيكون معكم. ‏
في كل الأحوال، الأعمال الإرهابية هي أعمال مدانة كما بدأت من البداية، ولكن مسؤوليتكم ومسؤولية الجميع أن تعالج ‏الأمور من جذورها. ‏

هنا يمكن الأخذ بالاقتراح الذي قدمه سماحة شيخ الأزهر، الفكرة التي تتحدث عن الدعوة إلى تشريع عالمي يحرم هذا النوع ‏من الأعمال التي ترتبط بالمسلمين وبالأمة الإسلامية، يمكن اعتماد نفس الصياغة أو صياغة مشابهة، قريبة، تتحدث مثلاً ‏اعتماد تشريع عالمي لتجريم المس بالأنبياء والرسل أو لتجريم المس بالديانات السماوية أو لتجريم المس بمقدسات الأمم، ‏مثلاً، أي صيغة من هذا النوع. طبعاً إذا اعتمد تشريع عالمي من هذا النوع، هذا سيشكل حاكماً قانونياً على حرية التعبير ‏ويوجد مخرجاً للحكومة الفرنسية ولكل الحكومات الأخرى التي تدعي أنها تحافظ على حرية التعبير وأن هذا جزء من ‏قيمها وقوانينها. ‏

هذا الأمر يجب أن يجد له حلاً، لا يجوز والعالم لا تنقصه مشاكل ولا مواجهات ولا تنقصه حروب، لا يجوز من أجل ‏ادعاءات تافهة وسخيفة ومشكوك في حقانيتها الإنسانية والأخلاقية والقانونية أن ندفع العالم وشعوب العالم وخصوصاً أمتنا ‏الإسلامية والدول الأوروبية التي لها هذه الموقعية وهذه المكانة إلى مواجهات وإلى حروب من هذا النوع. مسؤولية ‏المعالجة اليوم تتوقف على السلطات الفرنسية بالدرجة الأولى وعلى الكل أن يتعاون لمعالجة هذا الملف وقطع دابر هذه ‏الفتنة. ‏

هذا كان الملف الأول، بسياق الحديث عن ذكرى المولد النبوي الشريق وأمام ما شاهدناه بالأمس من حشود شعبية ‏وجماهيرية هائلة في اليمن في مدينة صنعاء وفي عدد من المدن والمحافظات اليمنية، لا يستطيع الإنسان إلا أن يتوقف ‏أمام هذا المشهد ودلالات هذا المشهد. ‏

بالرغم من الحرب المدمرة، عندما نقول حرب يعني هناك قتل وجرح وتشريد وتدمير للحجر وللبشر والتي هي الآن في ‏عامها السادس، بالرغم من الحصار والتجويع والأوضاع المعيشية الصعبة والأوبئة والأمراض، بالرغم من كل هذه ‏الظروف الصعبة نجد هذه الجماهير الضخمة والهائلة والحاشدة تجتمع في المدن اليمنية من أجل أي شيء؟! إحياء ذكرى ‏مولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. هذا الموضوع أنا أحببت أن أقف ‏عنده قليلاً لدقائق، عندما نقف أمام هذه الحشود بالرغم من كل المخاطر الأمنية والصحية والبيئية وفي حالة حرب، نحن في ‏لبنان وغير لبنان نعرف ماذا يعني أن يكون البلد في حالة حرب، واحتمال قصف جوي في أي لحظة من اللحظات وأمام ‏عدوان لا يتورع عن قتل الرجال والنساء والأطفال والمدنيين، يخرج كل هؤلاء ليعبروا عن عمق ايمانهم برسول الله صلى ‏الله عليه وآله وسلم، عن عظيم محبتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عن استعدادهم المنقطع النظير للدفاع عن ‏كرامة وشرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أليس في هذا دلالة، رسالة قوية يجب أن يتوقف أمامها الناس جميعاً، ‏وبالدرجة الأولى أنا أدعو المسلمين في العالم الذين يؤمنون بهذا النبي ويحترمون ويعشقون هذا النبي أن يتوقفوا أمام هذا ‏الذي شاهدناه بالأمس في اليمن، يجلس هؤلاء لساعات يهتفون، يرددون الأناشيد، الشعارات، ويستمعون إلى قائدهم العزيز ‏سماحة القائد السيد عبد الملك الحوثي ويشرح ويوضح ويختم في نهاية الموقف وقوفهم الحازم والقاطع إلى جانب القضية ‏الفلسيطينية، إلى جانب الشعب الفلسطيني، انظروا، اليمنيون المحاصرون، الغرباء في هذا العالم اليوم، المعتدى عليهم، ‏الذين يواجهون الأمراض والجوع والحصار وكل الظروف الصعبة لا يلجأون إلى أي حجة أو ذريعة ليتخلوا عن فلسطين ‏أو عن القضية الفلسطينية أو عن الشعب الفلسطيني، هؤلاء يعلنون إصرارهم وتمسكهم بفلسطين والقضية الفلسطينية ‏ودفاعهم عن الشعب الفلسطيني في مقابل المترفين والمرفهين والغارقين في لذات الدنيا والذين لم يدخلوا حرباً مع العدو ‏الإسرائيلي أساساً ويسارعون إلى التخلي عن فلسطين والاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها، أليست هذه حجة إلهية؟ ‏يؤكدون وقوفهم إلى جانب دول وشعوب وحركات المقاومة ومحور المقاومة في مواجهة المشاريع الأميركية والصهيونية ‏وهم أحوج ما يكون إلى أن يقف العالم إلى جانبهم كيمنيين وأن يدافع عنهم كيمنيين، يجب أن يقرأ المسلمون وكل شعوب ‏منطقتنا العربية والإسلامية والعالم، هذا الذي شهدناه بالأمس وسمعناه بالأمس، يجب أن يقرأوه بخلفية إنسانية وبخلفية ‏أخلاقية وبخلفية ايمانية وبخلفية دينية، وأنا أقول لكم اليوم هذه حجة إلهية شرعية جديدة على كل العلماء والمسؤولين ‏والقادة والنخب والشعوب العربية والإسلامية في كل العالم، حجة إلهية جديدة عليهم لكي يخرجوا عن صمتهم، أولئك الذين ‏يؤيدون هذا العدوان الأميركي – السعودي – الإماراتي وللأسف الشديد السوداني على شعب اليمن يجب أن يتراجعوا عن ‏هذا التأييد، وأولائك الذين ما زالوا يسكتون ويصمتون عن هذه الجريمة اليومية يجب أن يخرجوا عن صمتهم، ويجب أن ‏تتشكل موجة وتيار وحركة كبرى وقوية في العالمين العربي والإسلامي للضغط على أولئك القادة، قادة العدوان الذين ‏يصرون على مواصلة العدوان وعلى مواصلة الحرب، هذا أقل الوفاء تجاه هؤلاء أهل المعرفة وأهل العشق لرسول الله ‏وأهل الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وآن لهذه الحرب المجرمة الظالمة أن تتوقف، أعظم وأوجب ‏الواجبات اليوم هو العمل لتقف هذه الحرب، وأعظم ما يمكن أن يقدمه مسلم في هذا اليوم وفي هذه الأيام لرسول الله صلى ‏الله عليه وآله وسلم أن يقف إلى جانب هؤلاء المؤمنين به بعمق، هؤلاء الذين يحبونه بعشق، هؤلاء الذين يفتدونه بأرواحهم ‏ودمائهم وأموالهم وأولادهم وأبنائهم وبناتهم، هذا أيضاً في سياق الذكرى. ‏

الوقت أصبح منتهياً، أنا كنت في الحقيقة أريد أن أتحدث قليلاً عن موضوع التطبيع في المنطقة وموضوع مفاوضات ‏ترسيم الحدود البرية مع فلسطين المحتلة، الوضع الأمني عند الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة، المناورات ‏العسكرية الإسرائيلية، الأوضاع العامة في لبنان، لكن باعتبار الوقت ضاق والملف الأول أخذ وقتاً كثيراً وأنا إن شاء الله إن ‏بقيت على قيد الحياة سأتحدث في 11-11 في ذكرى يوم الشهيد، يوم شهيد حزب الله، لذلك هذه الموضوعات أؤجلها ‏وأكتفي فقط بالإشارة إلى موضوع تشكيل الحكومة في لبنان. ‏

نحن طبعاً نأمل أن يتمكن الرئيس المكلف وبالتعاون والتفاهم مع فخامة رئيس الجمهورية، دولة الرئيس المكلف مع فخامة ‏رئيس الجمهورية أن يتمكنوا وبالتعاون مع بقية الكتل النيابية من تشكيل حكومة لبنانية جديدة في أقرب وقت. طبعاً الكل ‏يعرف أن أوضاعنا في لبنان المالية والاقتصادية والاجتماعية ووو إلى آخره، هي لا يمكن أن تدار وأن تعالج من دون ‏حكومة ذات صلاحياتها القانونية، لا يمكن الاستمرار في حكومة تصريف الأعمال، لذلك نحن نحمل هذا الأمل. معطياتنا ‏أن الأجواء معقولة وايجابية وجيدة، لا نريد أن نبالغ في الايجابية، لكن الأجواء معقولة، نحن من جهتنا سنتعاون وكل ما ‏نستطيع أن نسهل إن شاء الله سنسهل، كثيراً مما ينقل في وسائل الإعلام وفي المقالات هو ليس صحيحاً، بعضه ليس دقيقاً، ‏بعضه ليس له أي أساس من الصحة، خصوصاً في ما يتعلق بنا وبمقاربتنا لتشكيل الحكومة. نحن إن شاء الله ايجابيون ‏وسنبقى ايجابيين وما نستطيع أن نساهم فيه للمساعدة، مساعدة المسؤولين المعنيين في تشكيل الحكومة في أقرب وقت ‏ممكن لن نألوا جهداً على هذا الصعيد إن شاء الله، وخصوصاً الآن هذا هو الاستحقاق الحقيقي. الآن الذكرى السنوية لحركة ‏‏17 تشرين وما كان سينتظر البلد وما كان بعض الناس يتوقعه، هذا إن شاء الله إذا كان هنالك وقت نتحدث فيه في وقت ‏لاحق. الآن الوقت هو ليس للمشاحنات ولا للصراعات ولا للتناقضات، الوقت هو للتفاهم، للتعاون، الانفتاح ما أمكن ‏للوصول إلى تشكيل حكومة إن شاء الله من هذا النوع. ‏

أريد أن أختم مع ارتفاع الأرقام الخطيرة والمؤلمة للاصابات بكورونا، لأنه الآن بدأنا نصل على حافة الألفين، هذا شيء ‏خطر جداً، في الأول كان عندما يقال 60 و 70 و 100 الناس "تتأفأف" الآن أصبح 1600 و 1800 وسنصبح على حافة ‏الألفين، تشاهدون وضع المستشفيات كلها تصرخ اليوم، أعداد الوفيات ترتفع يوماً بعد يوم، يبدو أن كثيراً من الناس ‏اعتادوا، تعايشوا مع هذا الموضوع. أعيد وأذكر بختام الكلمة أن هذا الأمر، هذا التساهل هو غير إنساني، هو غير أخلاقي، ‏هو غير شرعي، بالمعنى الديني، بالمعنى الشرعي، هو إثم، هو حرام، هو ذنب، هو معصية. الآن في دول العالم تشاهدون ‏هناك دول اليوم، كنا نتحدث عن فرنسا والمشكلة مع فرنسا، هم ذاهبون إلى مستويات عالية من الإغلاق، في ألمانيا، في ‏أسبانيا، في ايطاليا، الأميركيون لا يشاهدون أمامهم، اليوم يمكن 80 ألف أو 90 ألف إصابة، هناك أناس "خوتانين" في ‏العالم وهناك أناس لا، يذهبون لإقامة إجراءات جديدة، نحن في لبنان لا نستطيع أن نكمل بهذه الطريقة، الموضوع هنا ليس ‏موضوع وزارة صحة، الموضوع هو موضوع الحكومة كلها، الدولة كلها، العلماء، المرجعيات الدينية، المرجعيات ‏السياسية، الأب، الأم، الزوج، الزوجة، الأهل، الأخ، الأخت، هي مسؤولية إنسانية ترتبط بالجميع، والكل يقول أنه يا أخي ‏الالتزام بالكمامة وبالتباعد الاجتماعي وبالتعقيم هذا يقلل النسبة، هذا يبعد الخطر، يعني ليس الخيار الوحيد هو الإغلاق ‏حتى نقول الأشغال والناس ويموتون الجوع وإلى آخره، ممكن التعايش من خلال الالتزام. ‏

أنا أريد أن أجدد ولن أكل ولن أمل، لأن مسؤوليتي الشرعية والأخلاقية والإنسانية ومسؤولية كل واحد منا أولاً أن يلتزم هو ‏ويدعو الناس إلى الالتزام، وإلا نحن ذاهبون في مسار خطير جداً على المستوى الصحي ويحتاج إلى صرخة كبرى في ‏البلد وعدم رضا بالواقع القائم. ‏

أسأل الله أن يحمي الجميع ويشفي الجميع ويشافي الجميع ويحرس الجميع بعينه التي لا تنام، مجدداً أبارك لكم ذكرى ميلاد ‏سيد المرسلين وخاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، أسأل الله أن يجعلنا من المؤمنين به ‏ومحبيه والسائرين في دربه والملتزمين بتعاليمه وأن يرزقنا شفاعته يوم القيامة وأن يحشرنا معه ولا يفرق بيننا وبينه ‏طرفة عين أبداً في الدنيا وفي الآخرة وأن يعيد هذه المناسبة عليكم جميعاً بالخير والبركة والنصر والسلامة والصحة ‏والعافية وكل عام وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله.‏

 
2020-11-09