يتم التحميل...

المنهج الروائي في قضية الإمام المهدي

الإمام المهدي (عج)

إن الذين كتبوا في قضية المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف كثيرون جداً، قديماً وحديثاً، ومنهم من أفرده بكتاب مستقل ومنهم من كتب فصلاً أو فصولاً، وقد أحصى عبد المحسن العباد في بحثه المنشور في مجلة الجامعة الإسلامية الصادرة بالمدينة المنورة أكثر من عشرة مؤلفين من أجلاء علماء أهل السنة...

عدد الزوار: 13

إن الذين كتبوا في قضية المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف كثيرون جداً، قديماً وحديثاً، ومنهم من أفرده بكتاب مستقل ومنهم من كتب فصلاً أو فصولاً، وقد أحصى عبد المحسن العباد في بحثه المنشور في مجلة الجامعة الإسلامية الصادرة بالمدينة المنورة أكثر من عشرة مؤلفين من أجلاء علماء أهل السنة، منهم:

الحافظ أبو نعيم.
السيوطي الشافعي.
الحافظ ابن كثير.
علي المتقي الهندي صاحب كنز العمال.
ابن حجر المكي في مؤلفه: (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر).
مرعي بن يوسف الحنبلي (ت / 1033 هـ)، ومؤلفه الذي سماه (فوائد الفكر في ظهور المهدي المنتظر)، ذكره السفاريني في لوامع الأنوار البهية.
القاضي محمد بن علي الشوكاني (ت/ 1250 هـ) الذي سمى مؤلفه (التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح) إلى غيرهم.

أما عند الشيعة فهناك عشرات الكتب والرسائل التي كتبت ونشرت قديماً وحديثاً منها أخيراً:

منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر للشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني.
وإلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب للشيخ علي اليزدي الحائري.
والمهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية للشيخ نجم الدين العسكري، نشر مؤسسة الإمام المهدي – طهران.
والإمام المهدي لعلي محمد علي دخيل طبع بيروت، وهو جليل ومهم جداً.

وقد اعتمد هؤلاء العلماء وغيرهم في مناقشاتهم لدعاوى المنكرين على الأدلة النقلية غالباُ، فأثبتوا صحة أحاديث المهدي من طرق أهل السنة والشيعة1، وتعدد طرق الرواية، وكثرة الرواة من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين من سائر الفرق والمذاهب الإسلامية.

فقد نقل الشيخ العباد أن رواة حديث المهدي من الصحابة ستة وعشرون راوياً، أما الأئمة الذين خرجوا الأحاديث والآثار الواردة في المهدي فيبلغ عددهم ثمانية وثلاثون، ذكر أسماءهم وفي مقدمتهم:
أبو داود في سننه.
الترمذي في جامعه.
النسائي في سننه.
أحمد في مسنده.
أبو بكر بن شيبة في المصنف.
الحافظ أبو نعيم في الحلية وفي كتاب المهدي.
الطبراني في المعجم الكبير والأوسط.
ابن عساكر في تاريخه.
أبو يعلى الموصلي في مسنده.
ابن جرير في تهذيب الآثار.
البيهقي في دلائله.
ابن سعد في الطبقات وغيرهم.

ونريد أن نسأل (أحمد أمين) ومن عزف على نغمته هنا: هل أن مثل هؤلاء الأئمة من علماء الحديث والرواة المعتبرين الذين تلقتهم الأمة بالقبول، واعتمدت عليهم فيما نقلوه من صحيح الآثار أو صححوه، كلهم يتواطؤن على نقل (أسطورة)؟ وكيف يعقل أن تهتم الأمة، وأجل العلماء والمحققين وأصحاب الصحاح والمسانيد (بأسطورة) إلى هذا الحد؟! ولماذا هذه الجرأة المنافية لأبسط قواعد الذوق والمنطق والعلم والأخلاق؟ أوليس تدل مثل هذه التشويشات على ركوب الهوى أو الانسياق واللهاث وراء تلويحات الوهابية، (ورنين إغراءاتها)؟ بل إن العلماء المتقدمين منهم والمتأخرين أثبتوا تواتر أحاديث المهدي ليقطعوا الطريق والعذر على المتشككين والمتأولين، كما فعل:

الشوكاني (ت/ 1250 هـ) في رسالته المسماه بـ (التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي والدجال والمسيح).
البزرنجي (ت/ 1103هـ) في (الإشاعة لأشراط الساعة).

ثم ذكر الشيخ عبد المحسن العباد في بحثه المنشور في مجلة الجامعة الإسلامية آخرين، منهم:
الحافظ الآبري السجزي (ت/ 363 هـ).
الشيخ محمد السفاريني (ت/ 1188 هـ) في كتابه لوامع الأنوار البهية.
الشيخ صديق حسن القنوجي (ت/ 1307 هـ).

ومن المتأخرين الذين حكوا تواتر أحاديث المهدي الشيخ محمد بن جعفر الكتاني (ت/1345هـ) في كتابه نظم المتناثر في الحديث المتواتر.

وقد تصدى العلماء أيضاً إلى ما تعلق به الخصوم من دعاوى، وما أثاروه من اشكالات وطعون في الروايات وأجابوا2 عن ذلك بجوابات سديدة ومتينة، ولعل من أهم هذه الدراسات الحديثة:

أ- دراسة عبد المحسن العباد3- وهو أستاذ جامعي ومن علماء أهل السنة – وهي على ما فيها من زلات واشتباهات، إلا أنه عرض فيها بالتفصيل لذكر أسماء الصحابة الذين رووا أحاديث المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحصى منهم ستة وعشرين صحابياً، ثم ذكر أسماء الأئمة الذين خرجوا أحاديث المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، وأحصى منهم – أي من أئمة الحديث – ثمانية وثلاثين، ثم أورد بعد ذلك أسماء العلماء الذين أفردوا مسألة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف بالتأليف، وذكر عشرة منهم، ثم ذكر بعض الذين حكوا تواتر أحاديث المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، ثم انتقل إلى ذكر ما ورد في الصحيحين مما له تعلق بالمهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، ثم انتقل إلى ذكر بعض الأحاديث في غير الصحيحين من السنن والمسانيد، ثم ذكر بعض العلماء الذين احتجوا بأحاديث المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف واعتقدوا موجبها، ثم تعرض بالمناقشة القوية للمنكرين لأحاديث المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف أو المترددين في شأنه، وذكر منهم ابن خلدون، وسجل عليه ملاحظات وإيرادات أظهر فيها تهافته وعدم تبصره بالأمور، ونقل عن الشيخ المحقق أحمد شاكر الذي حقق مسند الإمام أحمد وخرج أحاديثه قوله عن ابن خلدون راداً عليه تشكيكاته: "أما ابن خلدون فقد قفا ما ليس به علم واقتحم قحماً لم يكن من رجالها، وانه تهافت تهافتاً عجيباً في الفصل الذي عقده في مقدمته للمهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وغلط أغلاطاً واضحة... " وانتهى آخر الأمر إلى أن المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف حقيقة ثابته لا تقبل الشك.

ب- أما الدراسة الثانية فكانت للباحث والمحقق ثامر العميدي، الذي جرى على منهج علماء الإمامية الأجلاء الذين عالجوا هذه المسألة، وأشبعوها بحثاً واستقصاءً، واستطاع هذا الباحث الفاضل أن يلخص تلك المطالب، ويستوفي تلك المضامين ويستوعبها، ويضفي على ذلك كله من بيانه وتحقيقاته، ويخرجه على منهج علمي رصين، وقد استغرقت هذه الدراسة الصفحات من 171 إلى 611 من الجزء الأول من كتابه القيم (دفاع عن الكافي) الذي نشره مركز الغدير للدراسات الإسلامية سنة 1995 م.

ومن أهم الأمور التي عرض لها بأُسلوب علمي: تحليل فكرة الاعتقاد بالمهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف4، ومناقشاته لتضعيفات ابن خلدون5، ونقله أكثر من ثمانٍ وخمسين6 شهادة وتصريح بصحة أحاديث المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف أو تواترها، ثم مناقشته لمن أنكر ولادة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، وإيراده أدلةً وافية متينة واعترافات من أهل السنة بدءاً من القرن الرابع الهجري وحتى قرننا الحالي بولادة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ووجوده الشريف7، وأخيراً مناقشته الطريفة لفرية السرداب8 وغيرها.

لقد أوردت هاتين الدراستين بصفتهما نموذجين حديثين للدراسات التي التزمت بمسلك العلماء المتقدمين والإفادة منهم وإتباع منهجهم، وإلا فهناك عشرات الدراسات لأفاضل العلماء والمحققين ممن برع في مناقشة تلك القضية9.

*بحث حول المهدي، السيد محمد باقر الصدر، المقالة مقتطفة من مقدمة تحقيق الكتاب للدكتور عبد الجبار شرارة، الغدير لبنان بيروت، ص25ـ29.


1- راجع: عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر – الشيخ عبد المحسن العباد، مجلة الجامعة الإسلامية / العدد الثالث / السنة الأولى 1969 م، وراجع: منتخب الأثر / العلامة الصافي الكلبايكاني.
2- راجع الأجوبة عن طعونهم في دفاع عن الكافي / السيد ثامر العميدي 1: 205.
3- تقدمت الإشارة إلى عنوان بحثه ومصدره.
4- دفاع عن الكافي / السيد ثامر العميدي 1: 171 وما بعدها.
5- المصدر نفسه 1: 205.
6- المصدر نفسه 1: 343.
7- دفاع عن الكافي 1: 535.
8- المصدر نفسه 1: 593.
9- راجع ما أشار إليه وذكره الشيخ العباد في دراسته المشار إليها سابقاً، وراجع ما ذكره السيد الجلالي أيضاً في بحثه المذكور في مطلع المقدمه، وراجع دراسة الشيخ علي محمد علي دخيل المشار إليها في الصحيفة 32.

2010-02-15