يتم التحميل...

فلاسفة اللاأخلاق

فلسفة الأخلاق

قال لفيف من الفلاسفة: لا أصول وجذور في طبيعة البشر للأخلاق. ولا وحي نزل فيها على الإطلاق إلا عند الذين آمنوا به وتواصوا بالصبر والمرحمة، وعليه فأية عبارة أخلاقية مثل الوفاء والاحسان إن هي إلا تعبير عما في نفس قائلها من شعور ذاتي تسرب إليه من عادات قومه وتقاليد بيئته.

عدد الزوار: 11

قال لفيف من الفلاسفة: لا أصول وجذور في طبيعة البشر للأخلاق. ولا وحي نزل فيها على الإطلاق إلا عند الذين آمنوا به وتواصوا بالصبر والمرحمة، وعليه فأية عبارة أخلاقية مثل الوفاء والاحسان إن هي إلا تعبير عما في نفس قائلها من شعور ذاتي تسرب إليه من عادات قومه وتقاليد بيئته.

الجواب

أولاً: ان انكار الأخلاق جحود بالإنسانية وجوهرها وسموها وأسرارها من الأساس، وكفر بالتضحية والاستشهاد، وبالمحبة والحنان، والعفو والصفح واللطف والحنان والتراحم والتعاون، والإباء والعفة، وبراحة الضمير لفعل الخير وتأنيبه وندمه على فعل الشر، وغير ذلك من العالم الأكبر الذي انطوت عليه نفس الإنسان، وشارك به السبع الشداد على حد ما قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام .

وأخيراً من أنكر الأخلاق فقد حكم بنفسه بأنه مجرد عن الإنسانية بكل ما فيها من معنى، وان الكلام معه تماماً كالكلام مع جامد أو حيوان "من فمك ادينك".

ثانياً: بأي شيء نفسر ونفرق بين عالمين تخرجا من مدرسة واحدة، وعاشا في مجتمع واحد، وظروفهما واحدة، وكل منهما يؤمن ويعتقد بأن على العالم أن يعمل بدينه وعلمه، فعمل أحدهما بما يعلم ويعتقد ابتغاء وجه الله ومرضاته، واتخذ الآخر من العلم والدين أداة للصوصيّة!. أبداً لا تفسير لهذا التفاوت والشتات إلا أن ذاك استجاب لدعوة الله ونداء الضمير، ونكص الآخر وتمرد.

ثالثاً: ما من شك أن الطفل يولد ولا معاني في ذهنه كلية أو جزئية، ثم ينمو جسماً وعقلاً من خلال تربيته وتفاعله مع مجتمعه وبيئته حتى يصل إلى مرحلة يستقل فيها بصفاته وخصائصه التي تميزه عن غيره، وبشعوره وتفكيره حراً طليقاً في أفكاره وقراراته وآرائه ومعتقداته.

وقد يزداد عقله وذكاؤه قوة ونمواً بمضي الزمن فيحاكم البيئة والمجتمع فضلاً عما يقرأ ويسمع، وقد يتبنى اتجاها يضاد ويعارض الاتجاه السائد عند العموم. بل قد يهدم بعبقريته وعظمته تقاليد الجماعة من الأساس، ويقلب حياة الأمة أو الأمم رأساً على عقب كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور، وصحح الوضع السائد الفاسد في عالم الشرك والجاهلية..

واليوم نقرأ الكثير في الصحف والكتب، عن الصراع بين الأفراد والجماعات، يكشف عن أسواء النظم السياسية والتقاليد الاجتماعية.. ولو كانت جميع الأفكار والتعاليم والصفات والخصائص، بإيحاء البيئة وآثارها والمجتمع وعاداته لما كان في الدنيا نبي وعبقري، ولا مصلح وناجح.

*فلسفة الأخلاق في الإسلام،الشيخ محمد جواد مغنية،دار التيار الجديد،بيروت لبنان،ط5ـ1412هـ ـ1992م،ص18ـ19.

2010-03-02