يتم التحميل...

المراثي

الشهادة

أتَجْزَعُ مِنْ وَحْشَةِ الأَرْبَعِ وتَبْكي على طَللٍ بَلْقَعِ وَقاسِي عَلى جِيرةٍ بالحِمَى دَعاها الحِمامُ فلمْ تَرْجِعِ

عدد الزوار: 17

 خاتمة في المراثي
- رثاء الشيخ عليّ ابن المرحوم الحاج حسن الجشيّ

وتَبْكي على طَللٍ بَلْقَعِ

دَعاها الحِمامُ فلمْ تَرْجِعِ

لِسُؤْلِكَ مَنْ إنْ تَسَلْهُ يَعِي

لِعُجْمِ المَنازِلِ والأَرْبَعِ

فإنْ شِئْتَ تَصْبِرُ أَوْ فاجْزَعِ

فليسَ عِتابُكَ بِالمُنْجِعِ

ذِمامُ بَنِي المُصطَفى مَا رُعِي

بها أَفْضَلَ السُّجَّدِ الرُّكَعِ

وقالَ لِأُمِّ الخُطُوبِ اصْنَعِي

كمَا ضاقَ رَحْبُ الفَضا الأَوْسَعِ

أَباحَتْ حِمَى صَبْرِهِ الأَمْنَعِ

بِمَعْناهُ خُبْراً سِوَى المُبْدِعِ

وإنْ عَظُمَ الخَطْبُ لَمْ تَدْفَعِ

وعَزْمُكَ أَمْضَى مِنَ اللُّمَّعِ

أَبادَتْ سُراتَكَ في مَصْرَعِ

ضَحايا عَلَى التُّرْبِ لَمْ تُرْفَعِ

علَى فِتْيَةٍ في الثَّرَى صُرَّعِ

وتَمْزُجُ ماءَكَ بِالأَدْمُعِ

وشَمْلُ النُّبُوَّةِ لَمْ يُجْمَعِ

وَما صَدَّ عَنْكَ العِدَى مَا أَتَوْا

فأُشَخِصْتَ لِلشَّامِ مِنْ يَثْرِبٍ

وقَدْ سَهِرَتْ في تدَابِيرِها

كَأنَّ بقَاكَ قَذَى عَيْنِها

وقَدْ هَجَعَتْ عِنْدَما أَدْرَكَتْ

ومَا خِلْتُ تُغْتالُ بِالسَّم يا

ومَا خِلْتُ قَلْبَكَ قَلْبَ الوُجُودِ

فَقُلْ لِلرَّدَى مَنْ لنَا بَعْدَهُ

عَذَرْتُ إِمامَ الهُدَى بَعْدَهُ

غَداةَ رَأَى عِنْدَ تَغْسِيلِهِ

كَأَنَّ القُيُودَ وغِلَّ اليَدَيْنِ

وحَقَّ الأَسَى لِفَقِيدٍ بَكَى

فَلا عَجَباً إِنْ بَكَتْهُ النِّياقُ

فيَا وَفْدَ أَفْدِيَةِ المَكْرُماتِ

ويا طالِبي الرُّشْدَ بَدْرُ الهُدَى

أتَجْزَعُ مِنْ وَحْشَةِ الأَرْبَعِ

وَقاسِي عَلى جِيرةٍ بالحِمَى

وَقَفْتَ بأَرْبَعَ إِذْ لا ترى

فَرُحْتُ مِنَ الوَجْدِ مُسْتَنْطِقاً

وما العُجْمُ ناطِقةً إنْ تُسَلْ

ودَعْ عَنْكَ عَتْباً لِدَهْرِ أَسىً

وهلْ ذِمَّةٌ فيهِ تُرْعَى وَذا

وهَلْ فَوْقَ أَسْهُمِ بَغْيٍ رَمَى

إذا دُرِعَ الصَّبْرُ في كَرْبَلا

فضاقَ الزَّمانُ بما أَجْلَبَتْ

وكادَتْ مِنَ الغَيْظِ تَقْضِي ومَا

وحَقَّ عُلاكَ الَّذِي لم يُحِطْ

فهَبْ أَنَّ ما نالَ مِنْكَ العِدَى

تضِيعُ تُراثَ بَنِي أَحْمَدٍ

وتُغْضِي فَدَيْتُكَ عَنْ عُصْبَةٍ

وأَنْتَ ترَاها بِرَمْضِ الطُّفوفِ

وَتتَّخِذُ النَّوْحَ طُولَ الحَياةِ

يُخالِطُ زادَكَ ماءُ العُيونِ

كَسَتْكَ المصَائِبُ ثَوْبَ الأَسَى

إِلَى أَنْ قَضَيْتَ وَلَمْ تُرْفَعِ

وبِالأَسْرِ في الطَّفِّ لَمْ تَقْنَعِ

ولكِنْ أَبَتْ حِكْمَةُ المُبْدِعِ

لإِزْهاقِ نَفْسِكَ في المَضْجَعِ

وقَبْلَ هَلاكِكَ لَمْ تَهْجَعِ

مُناها بِتَدْبِيرِها الأَشْنَعِ

عَلِيماً بِسِرِّ القَضا الموُدَعِ

يُقَطَّعُ مِنْ سُمِّها المُنْقعِ

تَرَكْتَ لدَى البَأْسِ مِنْ مَفْزَعِ

وسِرُّ الحَقِيقَةِ أَنْ يَجْزَعِ

جُرُوحاً مِنَ الأَسْرِ لَمْ تُنْزَعِ

وجَامِعَةَ الأَسْرِ لَمْ تُنْزَعِ

لَهُ أَسَفاً كُلُّ شَيْءٍ يَعِي

وخَنَّتْ إِلَى قَبْرِهِ الأَرْفَعِ

قُنوطاً فَسَعْيُكَ لَمْ يَنْجَعِ

عَراهُ الأُفُولُ فلَمْ يَطْلُع 1

-رثاء الشيخ محمّد الأصفهانيّ من أرجوزته الشهيرة

وحِلْمُهُ مِنْ أَعْجَبِ العَجائِبِ

ما لا تُطِيقُهُ الجبالُ الرَّاسِيَةْ

ما لا أَمَضَّ مِنْهُ في الفَجائِعِ

مَصارِعُ العُقُولِ والأَحْلامِ

وَهْوَ عَلَى ما هُوَ مِنْ ثَباتِهِ

بَعادِياتِ الشِّرْكِ والجُحُودِ

فهَلْ ترَى أَعْظَمَ مِنْ هَذا البَلا

علَى العَوالِي في يَدِ الأَنْذالِ

عَلَى النَّبِيِّ سَيِّدِ البرَاي

وهْوَ مَدارُ عالَمِ التَّكْوِينِ

ومَطْلَعُ الأَقْمارِ والشُّمُوسِ

علَى بَناتِ الوَحْيِ والرِّسالَةْ

وهْوَ خِباءُ العِزِّ والإِباءِ

وهْوَ عَلَيْهِ أَعْظَمُ الأَرْزاءِ

ما لَيْسَ في شَرِيعَةِ المُرُوَّةْ

ولَا مُجِيرَ قَطُّ غَيْرُ رَبِّه

حَرائِرَ المُخْتارِ في أَسْرِ السِّباءِ

سَوافِرَ الوُجوهِ لابْنِ العاهِرَةْ

هَتْكَ المَصُوناتِ بِقَوْلٍ مُوجَعِ

أَدْهَى مِنَ الكُلِّ عَلَى الإِمَامِ

وابْنُ النَّبِيِّ رَأْسُهُ مَحْمُولُ

يا لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْني سُمِع

بَغْيًا لَكَيْ يُرْضُوا بِهِ يَزِيد

مَهْتُوكَةً بَيْنَ لِئامِ الأُمَّةْ

فيَا لَهُ مِنْ مَنْظَرٍ مَشُومِ

قُبالَةَ الرِّجْسِ يَزِيدَ الطَّاغِيَةْ

في مَحْشِدِ الأَوْغادِ والأَنْذالِ

ما دُونَهُ المَوْتُ علَى الغَيُورِ

يُقْرَعُ بِالعُودِ فَيا لَلْعَجَبِ

كادَتْ لَهُ الأَرْضُ تُهَدُّ هَدَّ

ومَرْكَزُ التَّجْرِيدِ والتَّفْرِيدِ

غَدَتْ رُسُومُها بِهِ مُنْكَشِفَةْ

تَنْكُثُهُ مِخْصَرَةُ اللَّعِينِ

مِنْ أُمِّهِ آكِلَةِ الأَكْبادِ

مِنْ عُظْمِهِ تَنْدَكُّ أَطْوادُ العُل

مُصَفَّداً يُقادُ في الأَصْفادِ

أَصْبَحَ مَغْلُولاً بِلا خَطاءِ

غَلَّتْ يَدَ المَعْرُوفِ والأَيادِي

وهْوَ مُجَرَّدٌ عَنِ الحُدُودِ

في حَلَقِ القُيودِ مِنْ حَدِيدِ

إلى ابْنِ مَرْجانَةَ ذَلِكَ الشَّقِي

يا حَبَّذا المَوْتُ المُرِيحُ حَبَّذا

حَياتَهُ وَهْوَ حَلِيفٌ لِلرِّضا

بَكَتْ لَهُ عَيْنُ السَّماءِ بِالدِّم

وقَدْ بَكَتْ سَحائِبُ القُدْسِ دَمَ

أُقِيمَتِ المَآتِمُ الشَّجِيَّةْ

في جَنَّةِ الحُبورِ والسُّرورِ

والوِتْرُ وِتْرُ سَيِّدِ البَرِيَّةْ

فَهَلْ تَرى أَعْظَمَ مِنْهُ، هَلْ تَرى؟

هَدْراً ولاَ يُطْلَبُ مِنْ أَهْلِ الجفَ

يَطْلُبُهُ المُنْتَقِمُ القَهَّارُ

مَنْ يَفْتَحُ اللهُ بِهِ بابَ الفَرَجْ

حَتَّى يَقُومَ القَائِمُ المَهْدِيِّ

واجْعَلْنِيَ اللَّهُمَّ مِنْ أَنْصارِه 2

وصَبْرُهُ الجَمِيلُ في المصَائِبِ

ونالَ مِنْ ذَوِي القُلُوبِ القاسِيَةْ

شاهَدَ بِالطَّفِّ مِنَ الفَظائِعِ

كَيْفَ وفي مَصارِعِ الكِرَامِ

وكادَ أَنْ تَقْضِي عَلَى حَياتِهِ

شاهَدَ رَضَّ هَيْكَلِ التَّوْحِيدِ

وهْوَ يُضَعْضِعُ السَّماواتِ العُلَى

شاهَدَ رَأْسَ المَجْدِ والمعَالي

وإِنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الرَّزايا

كَيْفَ وَهذا الرَّأْسُ رَأْسُ الدِّينِ

وقِبْلَةُ العُقولِ والنُّفُوسِ

رَأَى اضْطِرامَ النَّارِ في الخِباءِ

رَأَى هُجُومَ الكُفْرِ والضَّلالَةْ

رَأَى فِرارَهُنَّ في البَيْداءِ

شاهَدَ في عَقائِلِ النُّبُوَّةْ

مِنْ نَهْبِها وسَلْبِها وضَرْبِها

لَقَدْ رَأَى رَبُّ الحِفاظِ والإِباءِ

شاهَدَ سَوْقَ الخَفِراتِ الطَّاهِرَةْ

وقَدْ رأَى مِنَ الدَّعِيِّ بْنِ الدَّعِي

وما رَآهُ في دِمَشْقَ الشَّامِ

ومِنْهُ مِنْ عُظْمِ البَلا لا جَزَعَا

أَتُضْرَبُ الدُّفُوفُ والطُّبُولُ

واتَّخَذُوا يَوْمَ المُصابِ عِيدا

شاهَدَ رَبَّاتِ خُدُورِ العِصْمَةْ

كَأَنَّهُنَّ مِنْ سبَايا الرُّومِ

رَأَى وُقُوفَ الطَّاهِراتِ الزَّاكِيَةْ

وهُنَّ في الوِثاقِ والحِبالِ

وقَدْ رَأَى مِنْ ذَلِكَ الكَفُورِ

كَيْفَ وَقَدْ شَاهَدَ مَرْشِفَ النَّبِي

شُلَّتْ يَدٌ مُدَّتْ إليهِ مَدَّا

تِلْكَ الثَّنايا نُقْطَةُ التَّوْحِيدِ

ثَغْرٌ بِهِ نَمَتْ حُدُودُ المَعْرِفَةْ

ثَغْرٌ بِهِ سُدَّتْ ثُغُور الدِّينِ

لا بِدْعَ مِنْ طاغِيَةِ الإِلْحادِ

وَما رَأَى في نَفْسِهِ مِنَ البَلا

كَيْفَ وَأَضْحَى قَائِدُ العِبادِ

وباسِطُ اليَدَيْنِ بالعَطَاءِ

غُلَّتْ يَدُ الضَّلالِ والفَسادِ

أَيُسْحَبُ المُطْلَقُ في القُيودِ

أَصْبَحَ قُطْبُ حَلْقَةِ التَّوْحِيدِ

وسِيقَ جَوْهَرُ الوُجودِ المُطْلَقِ

وَلا تَسَلْ عَمَّا رَأَى مِنَ الأذَى

وما انْقضَى بُكاؤُهُ حَتَّى قَضَى

وكَيْفَ لا يَبْكِي وَقَدْ شاهَدَ ما

وكَيْفَ لا تَبْكِي دَماً عَيْنُ السَّما

وفي ذُرَى العَوالِمِ العُلْوِيَّةْ

ناهِيكَ في ذَلِكَ لَطْمُ الحُورِ

فَكَيْفَ تَنْسَى هذِهِ الرَّزِيَّةْ

إِنْ يَكُنِ المَوْتُورُ سَيِّدُ الورَى

أَمْ هَلْ تَرى يَذْهَبُ ثارُ المُصْطفَى

فَلا وَرَبِّ العَرْشِ هذا الثَّارُ

عَلَى يَدِ الحُجَّةِ خَاتَمِ الحُجَجْ

فَكُلُّ قَلْبٍ بالأَسَى شَجِيِّ

فانْصُرْهُ يا رَبِّ وخُذْ بِثَارِهِ

- رثاء الشيخ عبد المنعم الفرطوسيّ

إِنْ لَمْ تَفِضْ لِمُصِيبَةِ السَّجَّادِ

واقْدَحْ حَشاكَ مِنَ الأَسَى بِزِنادِ

لِلسَّاجِدِينَ وزِينَةُ العُبَّادِ

وَهُوَ العَلِيلُ سِوَى خَيالٍ بادِي

أَلْقُوهُ مِنْهُ بِقَسْوَةٍ وعِنادِ

وَتَعِجُّ إِعْوالاً ورَاءَ الحادِي

فَتُصاغُ أَطْواقاً علَى الأَجْيادِ

تُسْبَى بِأَسْرِ أَرْذالٍ وأَعادِي

يَزْهُو بِأُفْقِ الذَّابِلِ الميَّادِ

حَتَّى اسْتَحالَ ضِرامُها لِرَمادِ

بَيْنَ العِدَى ويُقادُ بِالأَصْفادِ

غُلٌّّّ يُعاني مِنْهُ شَرَّ قِيادِ

بَلَدٍ وتُسْلِمُهُ إِلَى الأَحْقادِ

أَلمَاً وآلَ بِصَبْرِهِ لِنفَادِ

وشَماتَةِ الأَعْداءِ والحُسَّادِ

بَعْدَ الحُسَيْنِ نَواظِرٌ بِرُقادِ

إلَّا ويَمْزُجُ دَمْعَهُ بِالزَّادِ

وَهْوَ الخَبِيثُ عَلَى وَلِيدِ الهادِي

أَلَمٌ تَحُزُّ مُداهُ كُلَّ فُؤادِ3

قُرِحَتْ جُفُونُكَ مِنْ قَذًى وسُهادِ

فَأَسِلْ فُؤادَكَ مِنْ جُفُونِكَ أَدْمُعاً

وانْدُبْ إِماماً طاهِراً هُوَ سَيِّدٌ

ما أَبْقَتِ البَلْوَى ضَنًى مِنْ جِسْمِهِ

مُلْقىً علَى النَّطْعِ الَّذِي فَوْقَ الثَّرَى

يَرْنُو لأَيْتامٍ تَضِجُّ أَمامَهُ

ولِصِبْيَةٍ تُدْمِي السِّياطُ مُتُونَها

وَلِنِسْوَةٍ فَوْقَ النِّياقِ حَواسِراً

ويرَى جَبِينَ السِّبْطِ بَدْراً كامِلا

والنَّارُ يَلْهَبُ في الخِيامِ سَعِيرُها

لَهْفِي عَلَيْهِ يَئِنُّ في أَغْلالِهِ

مُضْنىً وجامِعَةُ الحَدِيدِ بِنَحْرِهِ

تَحْدُو بهِ الأَضْعانُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى

والشَّامُ إِنَّ الشَّامَ أَفْنَى قَلْبَهُ

لَمْ يَلْقَ فِيهِ سِوَى القَطِيعَةِ والعِدَى

سَلْ عَنْهُ طَيْبَةَ هَلْ بها طَابَتْ لَهُ

هَلْ ذاقَ طَعْمَ الزَّادِ طُولَ حَياتِهِ

أَوْدَى بِهِ فَجَنَى وَليدُ أُمَيَّةٍ

حَتَّى قَضَى سُمّاً ومِلْءُ فُؤَادِهِ


1- مراجع من العلماء الأعلام: كتاب الوفَيات ج 2 ص 177.
2-الأصفهانيّ الشيخ محمّد حسين: الأنوار القدسيّة ص 66-71.
3-السيّد حسن داخل: من لا يحضره الخطيب ج 1 ص 349.

2011-12-20