يتم التحميل...

وأَذنٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاْسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكبر

الحج

قال تعالى في سورة التوبة: وَأَذنٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاْسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكبرأَنَّ اللهَ بَرِىءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَاب أَلِيم * إِلاَّ الَّذِينَ عَهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثمّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَهرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ...

عدد الزوار: 18

قال تعالى في سورة التوبة: ﴿وَأَذنٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاْسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكبر أَنَّ اللهَ بَرِىءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَاب أَلِيم * إِلاَّ الَّذِينَ عَهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثمّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَهرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ.

العهود المحترمة:

نلحظ في هاتين الآيتين البيّنتين مزيد تأكيد على موضوع إلغاء المعاهدات التي كانت بين النّبي صلى الله عليه وآله وسلم والمشركين، حتى أنّ تاريخ الإِلغاء قد أُعلن في هذه الآية إذ نقول: (وأذان من الله ورسوله إِلى الناس يوم الحج الأكبر أنّ الله بريء من المشركين ورسولُه).

وفي الحقيقة، أنّ الله سبحانه يريد في هذا الإِعلان العام في مكّة المكرمة، وفي ذلك اليوم العظيم، أن يوصد كل ذريعة يتذرع بها المشركون والأعداء، ويقطع ألسنة المفسدين، لئلا يقولوا: إنّهم أستغفلوا في الحملة أو الهجوم عليهم، وإن ذلك ليس من الشّهامة والرجولة.

كما أنّ التّعبير بـ "إلى الناس" مكان أن يقال "إِلى المشركين" يَدل على وجوب إبلاغ هذا "الأذان" والإِعلام لجميع الناس الحاضرين في مكّة ذلك اليوم، ليكون غير المشركين شاهداً على هذا الأمر أيضاً.

ثمّ يتوجه الخطاب في الآية إِلى المشركين أنفسهم ترغيباً وترهيباً، لعلهم يهتدون، إذ تقول الآية: (فإن تبتم فهو خير لكم).

أي أنّ الإِستجابة لرسالة التوحيد فيها صلاحكم وفيها خير لكم ولمجتمعكم ودنياكم وآخرتكم، فلو تدبّرتم بجد وصدق لرأيتم أن قبول الدعوة هو البلسم الشافي لكلّ جراحاتكم وليس في الأمر منفعة لله أو لرسوله.

ثمّ إنّ الآية تُحذر المخالفين المعاندين المتعصبين فتقول: (وإن توليتم فاعلموا أنّكم غير معجزي الله). فلا يمكنكم الخروج من دائرة قدرته المطلقة بحال.

وأخيراً فإنّ الآية أنذرت المعاندين المتعصبين قائلة: (وبشّرِ الذين كفروا بعذاب أليم).

فإنّ إلغاء هذه العهود من جانب واحد- ورفض عهد المشركين- يختص بأُولئك الذين دلّت القرائن على استعدادهم لنقض عهدهم وبدت بوادره، لذلك فإنّ الآية استثنت قسماً منهم لوفائهم بالعهد، فقالت (إلاّ الذين عاهدتم من المشركين ثمّ لم ينقصوكم شيئاً ولم يُظاهروا عليكم أحَداً فأتموا إليهم عهدهم إِلى مدتهم إنّ الله يحبّ المتقين).

1- الحجُّ الأكبرُ!
اختلف المفسّرون في المراد من قوله تعالى: (يوم الحج الأكبر) والذي نستفيده من كثير من الرّوايات الواردة عن الفريقين، روايات أهل البيت عليهم السلام وأهل السنة، أنّه يوم العاشر من ذي الحجة "عيد الأضحى. وأمّا سبب تسميته بالحج الأكبر، فلأنّه اجتمع في ذلك العام ( في السنة العاشرة للهجرة) جميع الطوائف من المسلمين وعبدة الأوثان والمشركين، كما اعتادوا عليه في موسم الحج إلاّ أنّ هذا الأمر لم يتحقق في السنين التالية "لمنع غير المسلمين من الحج". وهناك تفسير آخر مضافاً إِلى التّفسير المذكور آنفاً وهو أن المراد منه مراسم الحج في قبال مراسم العمرة التي يعبر عنها بالحج الأصغر. وهذا التّفسير جاء في بعض الرّوايات الإِسلامية، ولا يمنع أن تكون كلتا العلّتين مدعاةً لهذه التسمية.

2- المواد الأربع التي أُعلنت ذلك اليوم
وإن كان القرآن الكريم أعلن براءة الله من المشركين بشكل مطلق، إلاّ أنّ الذي يستفاد من الرّوايات أنّ عليّاً عليه السلام قد أُمر بإبلاغ أربع مواد إِلى الناس، وهي:

1- إلغاء عهد المشركين.
2- لا يحق للمشركين أن يحجّوا في المواسم المقبلة.
3- منع العراة والحفاة من الطواف الذي كان شائعاً ومألوفاً حتى ذلك الوقت.
4- منع المشركين من دخول البيت الحرام.


وقد جاء في تفسير مجمع البيان عن الإِمام الباقرعليه السلام أنّ الإِمام علياً خطب في موسم الحج ذلك العام فقال: "لا يطوفن بالبيت عريان، ولا يحجن البيت مشرك، ومن كان له مدة فهو إلى مدته، ومن لم تكن له مدة فمدته أربعة أشهر". وفي بعض الرويات إشارة إِلى المادة الرّابعة، وهي عدم دخول المشركين وعبدة الأصنام البيت الحرام.

3- من هم الذين كانت لهم عهود "إلى مدّة"
يظهر من أقوال المؤرخين وبعض المفسّرين أنّ الذين كانت لعهودهم مدة، هم جماعة من بني كنانه وبني ضمرة، فقد بقي من عهدهم في ترك المنازعة تسعة أشهر، وقد بقي النّبي صلى الله عليه وآله وسلم على عهده وفيّاً، لأنّهم بقوا أوفياء لعهدهم ولم يظاهروا المشركين في مواجهة الإِسلام حيت إنتهت مدّتهم. وقد عدّ بعضهم طائفة بني خزاعة من هؤلاء الذين كان لعهدهم مدّة.1


1- الأمثل في تفسير الكتاب المنزل/ مكارم الشيرازي ج5 ص530_532.

2011-11-01